محطات رمز لا يُنسى.. حصاد ربع قرن بصحبة الشيخ راشد
رحلة بحث طويلة امتدت نحو ربع قرن صحبة أحد الآباء المؤسسين لهذا الوطن المعطاء، هو المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، قضاها الدكتور محمد المنصوري الذي عمل على جمع الأرشيف الخاص بالمغفور له من العديد من الأخبار والحوارات الصحافية التي توثق محطات مهمة من حياة هذا الرمز الكبير، ليكون حصاد الرحلة كتاب «الشيخ راشد: محطات وصور في الصحافة العربية» الذي صدر حديثاً ضمن سلسلة «رواد الاتحاد».
ويُبرز الكتاب - الذي بدأ المنصوري التحضير له منذ عام 2000 - ملامح من قصة مشرقة وخالدة هي اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، التي مازالت تكشف عن مكنوناتها، وحكايات الرجال الذين أسهموا في بناء وطن أصبح نموذجاً فريداً على المستوى العالمي.
وقال الدكتور المنصوري لـ«الإمارات اليوم»، عن تبلور فكرة كتابه: «كنت في زيارة إلى دولة الكويت قبل نحو ربع قرن، ووقتها ذهبت إلى المكتبة الوطنية التي تعد الأقدم هناك، ورأيت مجلة (أضواء الخليج)، وكانت على غلافها صورة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، مع تصريح خاص له، واستوقفتني المقابلة، لاسيما أن جزءاً من الأرشيف الصحافي الذي كنت أجمعه من الدول العربية، كان يرصد أحداث الإمارات في فترة الخمسينات»، مشيراً إلى أنه بدأ منذ تلك الفترة التركيز على أرشيف المغفور له الشيخ راشد في الصحافة العربية، في عملية بحث طويلة كانت صعبة أحياناً. ففي لبنان بدأت الحرب الأهلية عام 1975، وبالتالي لم يكن من السهل الحصول على أرشيف الصحف في تلك المرحلة، فضلاً عن توقف العديد من الصحف والمجلات عن الصدور وأرشيفها غير موجود، وكذلك الحال في الكويت، خصوصاً عام 1990 مع مرحلة الغزو.
إصدارات نادرة
واضطر الدكتور المنصوري إلى البحث عن الصحف والمجلات عند تجار الإصدارات النادرة، مشدداً على أن كتاب «الشيخ راشد: محطات وصور في الصحافة العربية» بمثابة توثيق اعتمد فيه على مقتنياته. وتنبع أهميته من المواد الأرشيفية النادرة التي يضمها بين دفتيه.
وأوضح أن الكتاب يقدّم ثلاث مراحل، الأولى نشأة دبي وتطورها التي ترتبط بتولي المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، مقاليد الحكم، ومشروعات تعميق الخور، ومطار دبي، وتأسيس الدوائر الحكومية، خصوصاً الجديدة منها، فيما تتمثل المرحلة الثانية في بداية رحلة الاتحاد، والثالثة ترصد تولي المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، رئاسة مجلس الوزراء، وبداية مرحلة جديدة من العمل في دولة الإمارات.
ورأى أن الخصوصية التي يحملها إصداره عن المغفور له الشيخ راشد، تتجسد في أن معظم الكتب التي قُدّمت من قبل تتناول السيرة الذاتية لهذا الرمز الإماراتي الكبير ومسيرته في الحكم، وكذلك يوجد كتاب يعرض أشعاره وآخر لتصريحاته، فيما يتناول إصداره جوانب معينة من حياة المغفور له، منها على سبيل المثال، أول حوار صحافي له، وكان مع جريدة النهار اللبنانية في عام 1965، إلى جانب حوار منشور في الكويت في 1967.
كما يوثّق الكتاب أخبار زيارات المغفور له الشيخ راشد إلى العديد من الدول في الخمسينات، لافتاً إلى أن «مجلة العرب» التي كانت تصدر في الهند، تناولت ملامح من حياته، طيب الله ثراه، قبل الاتحاد.
معايير المصداقية
وحول أهم المعايير التي التزم بها، أضاف الدكتور المنصوري أنه تناول حياة حاكم ورجل دولة، وبالتالي كان لابد من التأكد من الخبر والتحقق من مصداقيته، عبر العودة إلى المصادر الأصلية، وليس مجرد صورة منها، فضلاً عن إجراء التحقيق بين ما هو موجود في المجلة والجريدة. ووصل عدد الصحف التي اعتمد عليها إلى 31، منها 17 صحيفة ومجلة لبنانية، و10 صحف مصرية، وثلاث كويتية، ومجلة «هنا لندن» التي كانت تصدر من بريطانيا باللغة العربية.
وذكر أن الأرشيف الصحافي الذي امتلكه عن دولة الإمارات يبرز محطات مهمة من حياة المغفور له الشيخ راشد، وكان لابد من وضعه أمام الأجيال، من أجل فهم أبعاد هذه الشخصية المتفردة، وكذلك من أجل التعرّف إلى مواقفه من خلال المقابلات الصحافية النادرة التي تبرز جانباً من فكره، إذ كان يدعو إلى تطوير الدوائر المحلية، والتنمية في الإمارات، وكانت الرؤية الخاصة به ثابتة.
واختار المنصوري محطة الاتحاد ضمن الأبرز في حياة المغفور له الشيخ راشد، معتبراً أنها محطات تعني الكثير للإماراتيين، وكذلك لمن أسهموا في وضع أسس الدولة. ووصف المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، بأنه كان قائداً صاحب نظرة ورؤية في التنمية ترجمها إلى واقع تعيشه اليوم دولة الإمارات، لافتاً إلى أنه في المرحلة المقبلة سيستكمل الكتب الأرشيفية عن الآباء المؤسسين في الإمارات ضمن سلسلة «رواد الاتحاد».
مسيرة استثنائية
يسعى مركز أبوظبي للغة العربية من خلال سلسلة «رواد الاتحاد» التي يُصدرها، إلى استعادة تفاصيل حكاية تكوين الوطن والمحطات التي مرت بها هذه المسيرة الاستثنائية، من خلال قراءة متأنية للأحداث والتواريخ والشخوص وطبيعة الزمن والناس، وتتبع تطور الاتحاد من مجرد حلم في وجدان رجل الصحراء، إلى كيان وطني ثابت على أسس حضارية ومرتكزات طموحة لا تحدها حدود، وتجاوز تأثيرها المحيط الإقليمي. ويضع مركز أبوظبي للغة العربية سلسلة «رواد الاتحاد» بين أيدي جيل المستقبل، ليتأمل الدروس والعبر والمواقف المؤثرة التي كوّنت صرحاً تنموياً يفخر به كل إماراتي، وتتطلع إليه الشعوب بفخر.
محمد المنصوري:
الشيخ راشد كان قائداً صاحب نظرة ورؤية في التنمية ترجمها إلى واقع تعيشه دولة الإمارات.
• 2000 العام الذي بدأ فيه الدكتور المنصوري الرحلة مع أرشيف المغفور له الشيخ راشد.