الحبس والغرامة عقوبة «العبور العشوائي» حال وقوع حادث مروري

أكد خبراء في القانون والسلامة المرورية والتأمين أهمية المرسوم بقانون اتحادي الجديد بشأن تنظيم السير والمرور، الذي أصدرته حكومة دولة الإمارات، بشأن عقوبة عبور المشاة من غير الأماكن المخصصة لهم، موضحين أن التزام المشاة بالقانون يحد من حوادث عبورهم من غير الأماكن المخصصة لهم.

وذكروا أن القانون يشجع الأفراد على استخدام المعابر المخصصة، للحفاظ على سلامتهم، فضلاً عن الحد من المنازعات القضائية والتأمينية التي كانت تثار على خلفية مسؤولية السائق المتسبب في حادث دهس شخص عَبَر من غير الأماكن المخصصة، فيما كشفت إحصاءات حديثة لوزارة الداخلية أن إدارات المرور على مستوى الدولة سجلت 21 ألفاً و490 مخالفة للمشاة على مستوى الدولة، العام الماضي، تضمنت عدم الالتزام بالإشارات الضوئية أثناء العبور.

وتفصيلاً، شدد المرسوم بقانون اتحادي الجديد الذي أصدرته حكومة دولة الإمارات، بشأن تنظيم السير والمرور، على عقوبة عبور المشاة من غير الأماكن المخصصة لهم، إذ نص على أنه «يُعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 5000 درهم ولا تزيد على 10 آلاف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل شخص قام بعبور الطريق من غير الأماكن المخصصة لذلك، إذا ترتب على هذا الفعل وقوع حادث مروري».

مسؤولية مدنية وجزائية

أكد المستشار القانوني، الدكتور يوسف الشريف، أنه بموجب التعديل الأخير في قانون المرور الإماراتي، تم تحميل المسؤولية المدنية والجزائية للعابر الذي يقوم بالمرور في غير الأماكن المخصصة لعبور المشاة.

وذكر أن هذا التعديل يهدف إلى الحد من الحوادث المرورية، وضمان سلامة الجميع على الطرقات، حيث يشدد على ضرورة استخدام الأماكن المخصصة للمشاة، لضمان حركة مرور آمنة.

وبالنسبة للمسؤولية الجزائية، في حال وقوع الحادث، أوضح الشريف أنه بحسب المرسوم إذا عبر المشاة من غير الأماكن المخصصة لهم، وتسبب ذلك في حادث مروري يتم تحميلهم المسؤولية الجزائية، وقد تشمل العقوبات الجزائية غرامات مالية أو عقوبات قانونية أخرى، مثل التسجيل الجنائي أو الملاحقة القضائية في حال تسبب الحادث في إصابات أو وفيات.

وبالنسبة لغرامات العبور من غير الأماكن المخصصة للمشاة، فقد فرض القانون الإماراتي غرامات محددة على من يعبر الطرق من أماكن غير مخصصة للمشاة، وهذه الغرامة تهدف إلى ردع الأفراد عن العبور العشوائي، وتشجيعهم على استخدام المعابر المخصصة للحفاظ على سلامة الطرق.

وبالنسبة للمسؤولية المدنية، أوضح الشريف أنها تشمل التعويض عن الأضرار، وفي حالة وقوع حادث بسبب عبور المشاة من مكان غير مخصص لهم، يتم تحميلهم المسؤولية المدنية، ما يعني أنهم قد يُطالبون بدفع تعويضات عن الأضرار التي لحقت بالسائق أو السيارة، وهذا يشمل إصلاح الأضرار المادية التي لحقت بالمركبات أو تعويض السائق في حال إصابته، ويمكن أن يُطلب منهم تحمل كُلفة العلاج أو الأضرار الأخرى.

وأكد أهمية هذا التشريع في الحد من الحوادث المرورية، إذ أشار إلى أنه جاء نتيجة الزيادة الملحوظة في الحوادث التي تقع بسبب العبور العشوائي للمشاة، حيث يسعى القانون إلى تقليل هذا النوع من الحوادث عن طريق تحميل المشاة المسؤولية، فضلاً عن تشجيع استخدام معابر المشاة، من خلال فرض العقوبات المدنية والجزائية، ويهدف القانون إلى توعية الجمهور بأهمية استخدام الأماكن المخصصة للمشاة، حيث إن هذه المعابر تم تصميمها لضمان السلامة، وتقليل احتمالات الحوادث.

وأكد أهمية الحاجة إلى حملات توعية تترافق مع هذا التعديل، تهدف إلى تثقيف المشاة والسائقين حول القوانين الجديدة، وتوضيح أهمية الالتزام بمعابر المشاة لحماية الجميع.

وذكرت وزارة الداخلية أنه خلال السنوات الماضية شهدت الطرق حوادث صدم لمشاة، بسبب تهور بعضهم وعبورهم الطرق بصورة غير آمنة، وعبر الأماكن غير المخصصة للعبور، بجانب ما رصدته كاميرات الطرق من قيام بعضهم بالقفز من فوق السياج الفاصل بين الطرق، وسجلت حوادث الدهس 835 حادثاً، أسفرت عن عدد من الوفيات والإصابات على مستوى الدولة العام الماضي، بحسب إحصاءات وزارة الداخلية.

مسؤولية جنائية

من جانبه، قال خبير تأمين رئيس اللجنة الفنية لاتحاد التأمين الخليجي، بسام أديب جيلميران، إن المادة (39) من مرسوم القانون الاتحادي رقم (14) لسنة 2024 بشأن تنظيم السير والمرور، الذي سيبدأ سريانه في 29 مارس 2025، تشير إلى تحمل الشخص الذي يعبر من غير الأماكن المخصصة للمشاة، المسؤولية الجنائية إذا تسبب العبور في حادث مروري.

وأوضح جيلميران أنه من الناحية القانونية، قد يمتد هذا إلى تحميل الشخص المتسبب في الحادث المسؤولية المدنية عن أي أضرار تنجم عن الحادث، سواء للأشخاص الآخرين أو الممتلكات.

وبشأن تبعات هذا الإجراء على التأمين، أوضح جيلميران أنه يمكن لهذا التشريع أن تكون له تأثيرات واضحة، إذ إنه بالنسبة لحوادث السيارات، قد تنظر شركات التأمين إلى الحوادث الناجمة عن عبور المشاة من غير الأماكن المخصصة لهم على أنها حوادث ناجمة عن إهمال متعمد من قبل الطرف المخالف، أي عبور الطريق من قبل الأشخاص من غير الأماكن المخصصة، وقد تؤثر هذه الرؤية في تقييم مسؤولية السائق بشكل مختلف، ما قد يقلل من مسؤولية شركة التأمين في تعويضات الحوادث.

وبالنسبة للإصابات الجسدية والوفيات، يمكن أن تترتب مسؤولية مدنية على الشخص المخالف في حالات الإصابات أو الوفاة الناجمة عن عبوره الطريق بشكل غير قانوني. وبالتالي، قد تتحمل شركة التأمين الخاصة بالطرف المتضرر أو السائق كُلفة التعويضات، لكن قد تسترجعها من الشخص المخالف إذا تم إثبات مسؤوليته الكاملة.

وبالنسبة للتأمين على المسؤولية الشخصية، رأى جيلميران أنه في بعض الحالات قد تكون لدى المشاة بوليصة تأمين تشمل المسؤولية الشخصية، ما قد يغطي جزءاً من التعويضات المطلوبة.

وأكد جيلميران أن هذا التشريع يهدف إلى تعزيز السلامة المرورية، ويزيد من الوعي بضرورة استخدام الأماكن المخصصة للعبور، ما قد يساعد في تقليل الحوادث، ويخفف من الأعباء المالية المترتبة على شركات التأمين في حالات الإصابات غير المتعمدة.

ولفت إلى أنه تُطبَّق قوانين مشابهة في دول خليجية أخرى، تهدف إلى تنظيم عبور المشاة وضمان سلامتهم، حيث تُنظِّم القوانين المرورية عبور المشاة، لضمان سلامتهم وسلامة مستخدمي الطريق الآخرين، ويُعدُّ عبور المشاة للطرق السريعة أو من أماكن غير مخصصة للعبور مخالفة مرورية، وتُفرض غرامات مالية وعقوبات على المخالفين، كما تُلزم القوانين السائقين بإعطاء الأولوية للمشاة في الممرات المخصصة لهم.

وأكد جيلميران أن هذه التشريعات تهدف إلى تعزيز السلامة المرورية، وتقليل الحوادث الناتجة عن عبور المشاة من أماكن غير مخصصة، ما يسهم في حماية الأرواح والممتلكات.

سلامة المشاة

من جهته، أكد الخبير المروري المدير العام لـ«جمعية ساعد» للحد من الحوادث المرورية، الدكتور جمال العامري، أن تأمين سلامة المشاة خصوصاً عند عبورهم للطرق، يشكل أولوية لحكومة الإمارات، ومن هذا المنطلق، حرصت الدولة على بناء شبكة كبيرة من الجسور والأنفاق وفق أعلى المواصفات العالمية، ليستخدمها المشاة في معظم طرق الدولة، فضلاً عن إقامة السياج الفاصل الوسطي في الجزيرة، على كثير من الطرق السريعة، وتخصيص خطوط عبور المشاة عند جميع الإشارات والتقاطعات الضوئية والمفارق الحيوية، الأمر الذي وفر وسهل جميع عناصر الأمان والسلامة عند عبور أي طريق.

وأشار العامري، إلى أن المُشرّع الإماراتي في قانون السير والمرور، شدد على أهمية تأمين سلامة المشاة، وإعطاء الأولوية لهم عند عبور الطرق، وفي هذا الإطار، شدد العقوبة على السائقين الذين لا يلتزمون بإعطاء الأولوية للمشاة العابرين.

وأكد أن القانون الجديد بشأن تنظيم السير والمرور، الذي أصدرته حكومة دولة الإمارات، جاء إضافة مهمة ضمن سياسة الدولة في تأمين سلامة المشاة، إذ شدد في هذا الجانب على أهمية عبور المشاة من الأماكن المخصصة لهم، وشدد العقوبة على كل من يقطع الطريق من غير الأماكن المخصصة للمشاة، إذا ترتب على ذلك حادث مروري.

ولفت العامري إلى أنه من واقع الإحصاءات والتقارير المرورية المنشورة، كانت هناك ممارسات سلبية يقع فيها بعض المشاة على الطرق، من أبرزها عبور الطريق بشكل عشوائي ومن غير الأماكن المخصصة، وبعضهم كان يعبر طريقاً سريعاً تصل سرعته إلى 120 كيلومتراً في الساعة، أو يقوم بالقفز من فوق السياج الفاصل بين الطرق، الأمر الذي يتسبب بمفاجأة السائقين في نهر الطريق، ومن ثم يتسبب في وقوع حوادث الدهس لهؤلاء المشاة غير المحتمل وجودهم في هذا المكان، وقد يتحمل مسؤوليتها السائق، في حين أن الفعل غير المسؤول من جانب المشاة هو السبب الرئيس وراء وقوع تلك الحوادث.

واعتبر العامري أن تشديد العقوبة على المشاة المتهورين، وتحميلهم المسؤولية الجنائية والمدنية، سيشكل رادعاً قوياً للحد من السلوكيات السلبية التي نشهدها على طرق الدولة، من قبل بعض المشاة، وسيحد من حوادث الدهس التي تقع بسبب العبور العشوائي للطرق.

وأكد أهمية تنفيذ حملات توعية واسعة للجاليات المقيمة وباللغات المختلفة، حول خطورة عبور المشاة من غير الأماكن المخصصة، والعقوبة المقررة في حال وقع حادث بسبب عدم التزام الشخص بهذا الإجراء.

أحكام شاملة

تضمن المرسوم بقانون اتحادي الجديد أحكاماً شاملة تسري على المركبات بجميع أنواعها وعلى سائقيها، وعلى المشاة أثناء مرورهم في الطرق، إذ يُحدد المرسوم بقانون ضوابط استخدام الطريق، ومنها عدم جواز عبور المشاة للطرق التي تزيد السرعة المقررة لها على 80 كيلومتراً في الساعة، ويتحمل المشاة أي مسؤولية مدنية أو جزائية تترتب على عدم الالتزام بذلك.

الأكثر مشاركة