إعلاميون ومثقفون يستذكرون بدايات « الاتحاد » عبر تجاربهم المهنية
تناول إعلاميون ومثقفون إماراتيون في ندوة نظمها نادي دبي للصحافة، أمس، بعنوان «روايات إعلامية» أبرز المحطات والمراحل في مسيرة بناء المنظومة الإعلامية في الدولة، وذلك من خلال الإضاءة على أهم الوقفات في تجاربهم المهنية في حقول الصحافة المكتوبة والمرئية، منذ أواسط القرن الماضي مروراً بالإعلان عن دولة الاتحاد، وصولاً الى تطور وبناء دولة الإمارات الحديثة.
استهل الندوة التي أدارها المذيع والإعلامي اسماعيل عبدالله، والتربوي والاعلامي الدكتور محمد ذياب الموسى، بملخص عن تاريخ ونشأة الحياة التعليمية في دولة الإمارات التي أسهمت بدورها في بناء شتى صروح الفكر والتنوير والثقافة في البلاد. وقال الموسى انه جاء الى البلاد في زمن عرف فيه اهل البلد ضنك العيش وقسوته، إلا انهم صبروا وكافحوا واستفادوا من تجارب البلدان التي بدأت قبلهم مسيرة التطوير، حتى تمكنوا من اللحاق بركب العلم، واستطاعوا بناء مؤسساتهم الخدماتية والثقافية.
واعتبر الموسى نفسه محظوظاً، لأنه قضى عمره في دولة الإمارات التي اتاحت له، الى جانب عمله في تأسيس وتطوير المؤسسات التعليمية، ان يخوض غمار العمل الاعلامي.
أول مذيعة
من جهتها قالت الإعلامية وأول مذيعة إماراتية، حصة العسيلي، إنها بدأت عملها في عام ،1965 حين كان العمل الاعلامي قضية ورسالة يحملها المشتغلون فيه على عاتقهم ليتمكنوا من خدمة وتطوير المجتمع، آسفة على ما يبث اليوم من مواد اعلامية لا تعبر عن تطلعات الانسان العربي والإماراتي. واعتبرت العسيلي ان المرحلة الأهم في مسيرة الاعلام الاماراتي كانت بعد قيام الدولة، حين بدأت بنقل صورة الإمارات وإنجازاتها الإنسانية والحضارية من خلال المشاركة في المعارض الدولية.
وانتقدت العسيلي ما وصفته بالمستوى المتدني للإعلام العربي والمحلي، معتبرة ان الاعلام الذي يرضي الإماراتيين يحتاج الى روح جديدة، يضع بصمة أصيلة، ولا يراهن على الثوابت ويتحداها، كما لا يقوم على التقليد والمحاكاة، ولا يستورد برامج لا تمت الى البيئة العربية والمحلية بصلة.
عبدالحميد أحمد
أما رئيس تحرير صحيفة «غلف نيوز» عبدالحميد أحمد، فاستعرض دور المجلات المدرسية والمجموعات النشاطية والانشطة الثقافية في المدارس، وقال إنها كانت لبنة الاساس في دفع ابناء جيله للخوض في معترك الحياة الفكرية والثقافية. وأشار الى دور مجلات الأندية الرياضية التي وفرت كذلك منصة اعلامية لأبناء جيله من الناشطين والمهتمين بشؤون المجتمع وهمومه، لافتاً الى تأسيس تلك المجلات منهجاً جريئاً في الطرح والتحاور، وجد ضالته لاحقا في مجلة «أخبار دبي» التي تعد أول مطبوعة اماراتية منتظمة تتناول قضايا المجتمع ومشكلاته، علما بأن الهدف الاول من اصدارها كان لنشر الاخبار والبيانات الرسمية.
وتحدث احمد عن دور مجلة المجمع الثقافي التي ورثت الفكر المستنير عن مجلات الاندية الرياضة، مشيرا إلى دورها في تعليمه اساسيات واخلاقيات العمل الصحافي.
ولفت رئيس تحرير «غلف نيوز» إلى ان الإمارات في فترة السبعينات كانت على هامش الجغرافيا والتاريخ، إذ لم تكن في قلب الحراك الاجتماعي والسياسي الذي شهدته المنطقة آنذاك، كما انها تقع على اطراف الوطن العربي، مؤكداً انها اضحت اليوم بعد 40 عاما من قيام دولة الاتحاد التي حاربت الجهل والفقر، في قلب الجغرافيا الإقليمية، لما للدولة من دور بناء في المنطقة العربية.
حصة لوتاه
وقالت الإعلامية حصة لوتاه، إن فترة تأسيس ونمو دولة الاتحاد تميزت بتفاعلات الحراك المجتمعي والثقافي، معتبرة ان دور التعليم كان اساسيا في دفع عجلة الحياة الثقافية والاعلامية من مرحلة الى أخرى.
وأكدت لوتاه ان الاعلام والمحتوى الاعلامي يعاني اليوم التغريب، وان محتوى الرسالة الإعلامية لا يرقى بعقول واحتياجات الانسان الإماراتي والعربي، مؤكدة ان كل ما نشهده من ايجابيات وتطور في المحتوى والأدوات الاعلامية هو ثمرة فترة التأسيس الاولى التي بذرت براعم المناخ الثقافي والاعلامي الثري والمستنير.
علي عبيد
أما المذيع والإعلامي علي عبيد، فدعا بعد تطرقه الى بعض المحطات في مسيرته الاعلامية، الى ضرورة البحث في عدد من الأسئلة المفصلية قبل الخوض في تقييم تاريخ ومسيرة الاعلام في الإمارات، بينها: ما الاسباب التي تعيق الى يومنا هذا بناء كفاءات اعلامية متميزة، علماً بأن قدرات وامكانات الانسان الإماراتي ذات مستوى عالٍ؟ ودان عبيد الحجم الهائل والكبير للوسائل الاعلامية المحلية والدولية التي تتخذ من الإمارات ساحة ومنبراً، في وقت لا يبرز فيه صوت الاعلامي الاماراتي بما يتناسب مع هذا الزخم من الوسائل الاعلامية.
واتفق المتحدثون في نهاية الندوة على ضرورة وضع اليد على الجرح، وتحديد اسباب تدني محتوى الرسالة الإعلامية المحلية والعربية، والبحث ايضا في سبب ضآلة حضور الطاقات المواطنة مقارنة مع حجم امكاناتها وامكانات الاجهزة الإعلامية العاملة في الدولة، وذلك للتمكن من تصحيح المسار والاستفادة بالوقت ذاته من انجازات دولة الاتحاد، ليس في بناء مسيرة الاعلام فحسب، بل في كل أوجه ومجالات الحياة الثقافية والاجتماعية.