نجم "سهيل".. ثاني ألمع نجوم السماء ومؤشر بداية تحسن الطقس
قال المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل لـ "الإمارات اليوم" أن نجم سهيل بدأ بالظهور اعتباراً من فجر يوم 13_8، بجنوب الجزيرة العربية في اليمن، ويبدأ بالظهور في سماء السلطنة ودولة الإمارات ومملكة البحرين وجنوب المملكة العربية السعودية في 24 أغسطس، أما في دولة الكويت فيظهر في 6 من سبتمبر، لتنكسر الحرارة في المساء ويعتدل الهواء معلنا نهاية فصل الصيف.
وسهيل يعد ثاني ألمع نجوم السماء بعد الشعرى اليمانية، ويبعد عن الأرض ما يقارب 313 سنة ضوئية.
نجم السهيل في تراث العرب
العرب في الجزيرة العربية اعتمدوا على النجوم في ترحالهم ومعرفة الفصول ولنجم السهيل أهمية خاصة كونه يمثل إعلان بدء تحسن الطقس، إذ يقول العرب قديماً "إذا طلع سهيل طاب الليل، طاب الليل اي برد الليل."
ويقول الباحث في علوم الفلك والأرصاد الجوية، المشرف العام للقبة السماوية بالشارقة، إبراهيم الجروان "إن أبناء الجزيرة العربية اهتموا منذ القدم بمطالع النجوم والنظر فيها ومعرفة منازلها، وذلك لارتباطها بحياتهم اليومية في الليل والنهار، فهم يعرفون من خلالها دخول فصول السنة ووقت نزول الأمطار، ووقت البرد والحر ومن خلال حساب النجوم يعرف أهل القرى والفلاحون متى يحرثون أراضيهم، ومتى يبذرون استعدادا لنزول المطر، وأهل البر يعرفون مواسم الرعي والسفر، وأهل البحر يعرفون مواسم الصيد البحري والسفر ، واستعان بنجم سهيل أيضا البحارة الصينيون المتوجهون إلى بحار الجنوب مسترشدين بالنجم سهيل، الذي كان بمثابة نجم قطبي جنوبي."
وكان العرب في الصحراء يسترشدون أيضا بالنجم" سهيل" وهم يتوجهون صوب الجنوب و "الثريا" نحو الشمال كما يدل "سهيل" على القبلة في بلاد الشام .
سهيل في المفهوم الفلكي
سهيل نجم لامع من القدر الأول ( تقسم أقدار النجوم المرئية إلى ستة أقدار أوضحها النجوم من القدر الاول و أخفتها من القدر السادس ) ، ثاني ألمع نجوم السماء بعد الشعرى اليمانية ، يبعد عن الأرض ما يقارب 313 سنة ضوئية.
ويقول الباحث الجروان إن نجم " سهيل" الذي تستبشر بطلوعه العرب باديها وحاضرها من ألمع النجوم في السماء وله عده مسميات عند العرب فهم يسمونه البشير اليماني ويسمونه نجم اليمن ويسمونه سهيل اليماني ايضا وسبب نسبته الى اليمن كونه يطلع من جهة الجنوب ويظهر مقابلا للنجم القطبي الشمالي فهو يشير إلى جهة الجنوب أما القطب الجنوبي نفسه فهو لا يظهر في سماء الامارات وعلى كل حال لا يوجد نجم معين يدل على اتجاه النجم الجنوبي كما هو الحال في القطب الشمالي.
مشيراً إلى أن "سهيل نجم لامع من القدر الأول ( -0.74 ) ، وثاني ألمع نجوم السماء بعد الشعرى اليمانية ، ويبعد عن الأرض ما يقارب 313 سنة ضوئية ، يتزامن مطلعه مع مطلع الشمس يوم 26 يونيو ."
ويضيف "ان نجم ( سهيل ) كمعظم نجوم السماء يختفي عن الأنظار فترة من السنة ثم يعود إلى الظهور فترة أخرى تبدأ في صبيحة الرابع والعشرين من اغسطس من كل عام، ثم يأخذ ظهوره بالتقدم يوما بعد يوم إلى ان يرتقي وسط السماء منتصف الليل في نهاية ديسمبر ثم يظهر بعد غروب الشمس في الأفق الجنوبي الغربي مع نهاية مارس، و مع منتصف ابريل يختفي لفترة او (يستتر) لفترة تقارب 4 أشهر ثم يطلع من جديد قبيل شروق الشمس في 24 أغسطس في دولة الإمارات و الدول التي في عرضها ، ويكون أقصى ارتفاع له في الإمارات عن الأفق الجنوبي حوالي 12 درجة تقريبا، و ظهوره يستمر حتى نهاية فصل الشتاء في منطقة الجزيرة العربية. وبسبب موقعه في أقصى الجنوب فإن رؤيته في شمال الجزيرة العربية نادرة وغير ممكنة في البلاد التي تتجاوز دائرة العرض "40" درجة شمالا.
و بما أن الجزيرة العربية تقع على حدود 12 درجة شمالأ عند جنوب اليمن إلى 30 درجة شمالأ عند العراق، و تقع الإمارات على دائرة عرض 25 درجة شمالاَ في المتوسط، وبناءا على الحسابات الفلكية فإن طلوع النجم ( سهيل ) يكون مقترناً بوقت طلوع الشمس في الإمارات بتاريخ 12 أغسطس أي يكون مماساً للأفق ذلك الوقت، ثم يتقدم عن الشمس حتى يصل إلى ارتفاع 5 درجات فوق الأفق الجنوبي عند طلوع الشمس (وهي أقل مسافة عن الشمس للنجم المرئي ) يوم 24 أغسطس، و يكون بعد هذا الوقت مرئياً وقت الشفق الصباحي قبل طلوع الشمس بمدة لا تقل عن 20 دقيقة."
وبشأن موقع بين المجاميع النجمية يقول المشرف العام للقبة السماوية بالشارقة إن "النجم سهيل يتواجد في المجموعة النجمية المسماة القاعدة أو الجؤجؤ (Carina)، وهو ألمع نجومها، وهذه المجموعة النجمية هي الجزء الثالث من المجموعة النجمية الكبيرة المسماة بالسفينة، ونجم سهيل (Canopus) من ضمن ألمع 20 نجماً في السماء، وهو ذو إضاءة تساوي – 0.65، و هو ثاني ألمع نجم في السماء بعد الشعرى اليمانية، ويبعد عنا 310 سنة ضوئية، وهو نجم فتى ومستعر (طيفB-V) )، نصف قطره يساوي 57 مرة نصف قطر الشمس، وإضاءته تعادل إضاءة 21240 شمساً، ودرجة حرارته 8040 مئوية."
ويضيف "كلما اقتربنا من خط الاستواء، كلما كان وقت طلوع سهيل أبكر؛ فمثلاً عند خط عرض 12 شمالاً ( قرب عدن) يشاهد مطلع أغسطس، و عند خط عرض 15 شمالا ( في ظفار ) يشاهد 8 أغسطس ، وعند دائرة عرض 20 شمالا ( في وسط عمان و الحجاز) يشاهد نجم سهيل في 15 أغسطس، أما على خط عرض 25 درجة (مثل الامارات و وسط السعودية ) فيشاهد في 24 أغسطس، و شمال الجزيرة العربية على خط 30 درجة (مثل العراق و بادية الشام وسيناء) فإنه يشاهد ابتداءا من 10 سبتمبر، ولا يشاهد نجم سهيل على خط عرض أكبر من 37 درجة (ما بعد حلب في الشام ، وكركوك في العراق، و أزمير في تركيا ، و اوروبا )."
وتسمى النجوم والبروج التي تقع إلى جنوب خط الاستواء بالنجوم أو البروج الجنوبية أو اليمانية /نسبة إلى اليمن كما سماها عرب الجزيرة العربية في الماضي لأن اليمن تقع إلى الجنوب منهم/ وكذلك فالنجوم التي تقع إلى الشمال من خط الاستواء السماوي تسمى النجوم الشمالية أو الشامية /نسبة إلى بلاد الشام التي تقع إلى شمال الجزيرة العربية/ فالنجوم الجنوبية ترى من نصف الكرة الشمالي قريبة من الأفق الجنوبي للسماء فيرى سهيل في بلاد الشام والعراق وشمال الجزيرة العربية ومصر في الأفق الجنوبي وباتجاه الجنوب تماما بينما لا يرى سهيل من روسيا أو تركيا أو أوروبا ويرى في الصومال أو استراليا في كبد السماء.
وأثبتت مخطوطات من القرن السابع عشر أن المحور الأكبر للكعبة المشرفة يتجه نحو نقطة شروق نجم سهيل بينما المحور الأصغر يتجه ناحية شروق الشمس في منتصف الصيف ولما كان سهيل نجما عملاقا وجبارا وأبيض اللون ويعد ألمع النجوم في السماء بعد نجم "الشعرى اليمانية" فقد كان الفلكيون المسلمون في العصور الوسطى يحددون اتجاه القبلة بواسطة هذه المعلومات الجغرافية حتى أن إحدى الدراسات في علم الفلك الحديث أكدت أن نجم سهيل ونجوم بنات النعش لعبت دورا كبيرا في تحديد اتجاهات القبلة في البلدان الاسلامية المترامية الأطراف في عهد النهضة الإسلامية.
سهيل عند العرب ......البشير اليماني
إن نجم سهيل، الذي تستبشر بطلوعه العرب، من ألمع النجوم في السماء وله عدة مسميات عند العرب فهم يسمونه البشير اليماني ويسمونه نجم اليمن ويسمونه سهيل اليماني أيضا وسبب نسبته الى اليمن كونه يطلع من جهة الجنوب ويظهر مقابلاً للنجم القطبي الشمالي، فهو يشير إلى جهة الجنوب، أما القطب الجنوبي نفسه فهو لا يظهر في سماء الامارات، وعلى كل حال لا يوجد نجم معين يدل على اتجاه النجم الجنوبي كما هو الحال في القطب الشمالي.
وقد ورد النجم سهيل في الأساطير العربية ويقال أن سهيلاً له أختان، هما الشعرى اليمانية Sirius - التي نجحت باللحاق بأخيها سهيل الهارب جنوباً جهة اليمن، بعد أن عبر نهر درب التبانة، فظلت في الجنوب (ومنه جاءت التسمية)، والأخت الأخرى هي الشعرى الشامية أو الغميصاء Procyon- حيث لم تستطع اللحاق بأختها فظلت جهة الشام (ومنه جاءت التسمية).
وتقول الأساطير أنه من فرط حسرتها وحزنها بكت حتى غمصت عيناها، ولهذا سُمّيت بالغميصاء.
وكانت العرب تقول "إذا طلع سهيل برد الليل وخيف السيل وكان للحوار الويل"، لأنه يفصل عن أمه.