السفير البريطاني يودع السودان بحصة في إحدى مدارس الخرطوم
بطريقته الخاصة وبعيدا عن الدبلوماسية، ودع السفير البريطاني في الخرطوم مايكل أرون، السودان، بعد انتهاء فترة عمله التي استمرت عامين ونصف العام ، بحصة دراسية لطلاب إحدى المدارس بالعاصمة السودانية، معيدا بذلك ذكريات الحصة الأولي له في مدرسة الدامر الثانوية عندما قدم الى السودان معلما للغة الإنجليزية مطلع الثمانينات من القرن الماضي. وفي رسائل وداع غير تقليدية على حسابيه في "تويتر" و"فيسبوك"، قال السفير البريطاني إنه حاول قصارى جهده خلال تواجده بالسودان لقاء أكبر عدد من عامة الشعب السوداني والذهاب إلى أحداث حقيقية في 14 ولاية.
وحسب "شبكة الشروق"قدم السفير حصة في اللغة الإنجليزية لطلاب مدرسة أسامة بن زيد الأساسية بمحلية شرق النيل بولاية الخرطوم، وذلك قبل مغادرته السودان متوجها إلى مقر عمله الجديد باليمن، ليكون بذلك السفير الوحيد الذي يبدأ عمله في السودان بحصة وينهيه بحصة. وكان أرون قد عمل مطلع الثمانينيات أستاذاً للغة الإنجليزية بمدرسة الدامر الثانوية وقضى فيها وقتاً ممتعاً -حسب وصفه- وما يؤكد ذلك عودته بعد 33 عاما إلى المدرسة فور إيفاده لسودان سفيراً وما أن تسلم مهامه في الخرطوم حتى غادر في زيارة غير رسمية للدامر لزيارة مدرسته القديمة وأصدقائه وطلابه هناك ولم ينس حتى بائع الفلافل "الطعمية" الذي كان يتناول عنده وجبة الإفطار في كثير من الأحيان. وفي زيارته لمدينة الدامر استعاد مايكل ذكرياته في مدرستها الثانوية، وتجوّل بين فصولها ومكاتبها. وكانت"الإمارات اليوم" قد نشرت قبل عامين موضوعا حول زيارة أرون لمدرسته القديمة بمدينة الدامر عاصمة ولاية نهر النيل في شمال السودان، حيث تفقد السفير المدرسة ، التي عمل فيها معلماً للغة الإنجليزية لمدة عامين، خلال الفترة من 1981 ــ 1983، وقضى وقتاً طيباً بين طلابه القدامى، وسط كرم وحفاوة أهل المدينة، في جو عفوي مشحون بالذكريات الجميلة. وفاجأ أرون أساتذة المدرسة الثانوية بسؤاله عن "عم عباس" أحد أشهر بائعي الطعمية بسوق الدامر، الذي كان السفير "الأستاذ وقتها"، أحد زبائنه، والمداومين على تناول فلافله الشهية، حيث قال إنه لم ينسَ طيلة هذه السنوات مذاقها الطيب، وصاج «طعمية» عم عباس ، لتأتيه الإجابة بأن العم عباس لا يقوى على الحركة بسبب تقدم العمر والمرض.
بعدها قام السفير بزيارة مفاجأة لعم عباس بمنزله المتواضع بحي مربع 13 بالدامر، ما جعل الزيارة حديث أهل الدامر والولاية، ومثلت لفتة إنسانية بارعة، ولمسة وفاء من السفير، ورد بعض الجميل لرجل منحه يوماً لقمة هنية، لم ينس طعمها طيلة تلك السنوات.
وبعد زيارته هذه عاد مايكل أرون إلى الدامر مجدداً، وشارك في عمليات صيانة المدرسة الثانوية برفقة مجموعة من موظفي السفارة البريطانية بالخرطوم، ورفقة بعض أصدقائه، كبادرة وفاء للمدرسة التي عمل بها معلماً، وأبدى السفير ارتياحه للعودة إلى الدامر مجدداً، وقال «أحمل ذكريات رائعة حول مدى لطف وكرم ضيافة وسخاء السودانيين، الذين التقيت بهم وعملت معهم حينذاك".
وخلال فترته الأولي والثانية التى قضاها معلما وسفيرا، اصبح أرون أسيراً بالعادات والتقاليد السودانية، فقد بادر بمشاركة الأسر أفراحها وأتراحها ولبى الكثير من الدعوات، وعرف بعلاقاته الطيبة وتواصله مع السودانيين بعيدا عن القيود الدبلوماسية حيث كان يزور اصدقائه في منازلهم ويتناول معهم الوجبات الشعبية السودانية، ومن ضمن الذين زارهم عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني صديق يوسف، حيث شاركه وجبة غذاء أثارت صورتها جدلا واسعا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي حسب "كوش نيوز".
كما أثارت صورة الوداع التي انتشرت في وسائط التواصل الإجتماعية، يوم السبت الماضي، للسفير وهو يرتدي "الجلابية" السودانية والعمامة و"الصديري" وينتعل "المركوب" ويحمل العصا، أثارت إعجاب الكثيرين من السودانيين الأمر الذي قابله هو بالإعجاب.
وقال في حسابه بـ(تويتر) و(فيس بوك) "لقد غادرت السودان الآن بعد 30 شهراً قضيتها هنا في منصب سفير المملكة المتحدة، وقت قصير جداً ولكن كدبلوماسيين يجب علينا أن نذهب إلى حيث يطلب منا". وأضاف "أنا بدأت أفتقد السودان بالفعل لقد تأثرت بردود الفعل الرقيقة جداً على رسالة وداعي في (تويتر) ومنشور (فيس بوك)، وعن عودتي لتدريس اللغة الإنجليزية في شرق النيل. وبصفتنا سفراء نقضي حتماً الكثير من الوقت في التحدث مع زملائنا المسؤولين وحضور الاجتماعات الرسمية، ولكنني حاولت قصارى جهدي للقاء أكبر عدد ممكن من السودانيين من عامة الشعب السوداني ".
وقال السفير "بعض من أفضل ذكرياتي كانت حضور حفلات الزفاف السودانية، والذهاب إلى مباريات كرة القدم ومشاهدة مصارعة النوبة وبالطبع السفر في جميع أنحاء السودان الجميل، لقد زرت 14 ولاية من جملة ولايات السودان الستة عشر وأنا فخور بذلك . وعن سر التحول المفاجئ من التدريس الي الدبلوماسية ، قال أرون في إحدي المقابلات الصحافية، أنه درس اللغة العربية في جامعة لييد في إنجلترا وفي نهاية الدراسة اراد ان يذهب إلى دولة عربية لتحسين اللغة العربية ولذلك اختار مهنة التعليم باعتبارها وسيلة لتعلم اللغة العربية وجاء إلى السودان عام 1980 وبعد ان عمل في التدريس لفترة رجع إلى بريطانيا والتحقت بالسلك الدبلوماسي حيث عمل في كل من الأردن والكويت والعراق وتونس وليبيا، ومنها عاد إلى السودان بعد غياب دام أكثر من ثلاثة عقود سفيرا لبلاده هذة المرة.