"وطن النفايات".. مأوى 3000 عائلة في القذارة والفقر
لعل أول صورة تخطر في بال أحد ما عند التفكير في أندونيسيا هي شواطئ بالي وحقول الأرز الممتدة على طول البلاد، إلا أنه على بعد 12 ميلاً من العاصمة جاكرتا التي يسكنها 10 ملايين شخص، وعلى جزيرة جافا، تقع بانتار جيبانغ، أكبر تجمع مفتوح للنفايات في الجنوب الشرقي بآسيا بعيدا عن أعين السياح.
أكبر مكب للنفايات، هو الوطن لـ 3000 عائلة، ممن ولدوا على هذه الأرض أو عاشوا فيها.
وتستقبل "بانتار جيبانغ" الممتدة على مساحتها 110 هكتارات، 9 آلاف طن من النفايات يومياًن والعديد من الأشخاص ممن اختاروا الانتقال للعيش والعمل فيها، حيث تحولت لمصدر رزق للعائلات التي تسكنها حرفياً، وتعيل بعض العائلات نفسها بالبحث عما يمكن إعادة بيعه من هذه النفايات.
ومن الطبيعي جدا أن تجد جميع أفراد العائلة كبارا وصغارا حيث يبلغ عمر البعض 5 أعوام فقط، يعملون في مهنة فرز النفايات وبيعها، ليصل مدخولهم اليومي لـ 30 ألف روبية، اي ما يعادل دولارين.
وفي مفارقة صادمة، تشكل بقايا الخضروات والفواكه التي يقوم البعض برميها في مكان آخر من البلاد، مصدراً للطعام لآخرين في هذا المكان.
العاملون هنا يأخذون وقتا للتأقلم مع الظروف الصعبة، ويقضون الأسابيع الأولى دون أكل، لأن الرائحة تمنعهم من ذلك، كما تتسبب بحالة من الإقياء الدائم، إلى أن يعتادوا على الرائحة ويتأقلموا معها.
كما تتنافس ظروف المعيشة الصعبة في بانتار جيبانغ على فرض نفسها، فهناك الروائح والبكتيريا، والعائلات تعيش في الملاجئ دون الحصول على الرعاية الصحية ومياه الشرب.
وتعد أمراض الشعب الهوائية، والديدان المعوية والالتهابات الجلدية المشاكل الأكثر شيوعا بين ساكني بانتار جيبانغ.
إلا أن أطنان النفايات التي محت معالم المكان، لم تستطع أن تمحي الابتسامة عن وجوه أطفال بانتار جيبانغ الذين يلهون ويلعبون دون أحذية حتى، غير آبهين بالأدوات الحادة أو الزجاج المكسر على الأرض.
ونشأ مكب النفايات في بانتار جيبانغ فوق حقول الأرز في مقاطعة بيكاسي عام 1989، وكثير ممن يعملون هنا، اعتادوا على كسب قوتهم من حفر الأرض، أو هم من مزراعي حقول الارز الذين تم ابتلاع أرضيهم نتيجة المد المتواصل من القمامة.
وتقوم جهود في المجتمع المحلي بمحاولات لمكافحة المشكلة والحد من كميات القمامة التي تنقل من جاكرتا يوميا، إلا أن بانتار جيبانغ ستبقى وطن القمامة وأكبر مكب للنفايات إلى حين إيجاد حل لمشكلة تصريف النفايات في جاكرتا.
