تبون... من موظف بسيط إلى رئيس ثامن للجمهورية الجزائرية
"أتعهد باستعادة المال العام الذي نهبته العصابة، وأعرف أين هو موجود".
هذه العبارة الشهيرة هي أكثر ما يحتفظ به جل الجزائريين عن عبد المجيد تبون، الذي أصبح منذ أمس ثامن رئيس للجمهورية. والذي جعل من هذا التعهد أكبر شعار لحملته الانتخابية، وأكبر تحدٍ قرر أن يخوضه، لكن عندما سئل إن كان سيدل أي أحد من منافسيه الأربعة عن «مكان المال المسروق» إن انتخب رئيسا، أجاب بلهجة صارمة: «لن أفعل».
يبلغ تبون 74 عاما، وهو من مواليد منطقة المشرية بجنوب غربي البلاد، حيث بدأ مشواره التعليمي الذي انتهى بالتخرج من «المدرسة العليا للإدارة»، الخزان البشري الذي أمد الدولة دائما بالكوادر، الذين سيروا مختلف الأجهزة والمؤسسات، وحتى القنصليات والهيئات الدبلوماسية في الخارج.
بدأ تبون مساره المهني عام 1975 كموظف بسيط بالجماعات المحلية، وتولى منصب أمين عام بعدة ولايات لسنوات طويلة، كما عين واليا بعدة ولايات. وفي 1992 دخل الحكومة لأول مرة كوزير منتدب للجماعات المحلية. وبعد ذلك بسبع سنوات، أي في سنة 1999 عين وزيرا للسكنى والعمران، ثم وزيرا للإعلام في العام الموالي، قبل أن يعود إلى وزارة السكنى كوزير من جديد حتى 2002. لكن تم إبعاده عن الشأن الحكومي فيما بعد.
بعد توقف دام 10 سنوات، عاد تبون إلى الحكومة كوزير للسكن إلى غاية 2017. وهي السنة التي اختاره فيها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة رئيسا للوزراء، خلفا لعبد المالك سلال (أدانه القضاء الأسبوع الماضي بـ12 سنة سجنا في قضية بـ«فساد رجال بوتفليقة»، وحكم في القضية على رئيس وزراء سابق آخر هو أحمد أويحيى، ووزراء ورجال أعمال).
ولم يسبق لتبون أن خاض تجربة حزبية لافتة، باستثناء تعيينه عضوا بـ«اللجنة المركزية» لحزب «جبهة التحرير الوطني»، صاحب الأغلبية، الذي كان رئيسه بوتفليقة. وقد التحق بالحزب عام 2014 على سبيل تأكيد ولائه للرئيس السابق، حينما كان يستعد لأخذ ولاية رابعة في انتخابات نظمت في نفس العام. ومن المفارقات أن قيادة «جبهة التحرير» اختارت التخندق في صف المترشح عز الدين ميهوبي، في انتخابات 2019. بدل تبون الذي ينتمي إليها. علما بأن ميهوبي هو أمين عام بالنيابة لحزب «التجمع الوطني الديمقراطي»، غريم «جبهة التحرير» في كل استحقاق.
ويرتبط اسم تبون بـ«فضيحتين»: الأولى تخصه هو شخصيا، وتتعلق بـ«بنك الخليفة»، وأموال تابعة لوزارة السكن، وضعها هو بالبنك عندما كان وزيرا مقابل رشى. وقد انهارت المؤسسة المصرفية الخاصة في 2003 وضاعت الأموال، وتم سجن صاحبها عبد المؤمن رفيق خليفة. أما «الفضيحة» الثانية فتتعلق بنجله خالد المحبوس على ذمة التحقيق منذ 2017 في قضية مرتبطة ببارون الكوكايين كمال شيخي المسجون، والمتهم بتهريب 7 قناطير من المخدرات الصلبة على ظهر سفينة كانت محملة أيضا بأطنان من اللحوم الحمراء. وقد كشفت التحقيقات في نشاط شيخي التجاري فسادا في العقار، تورط فيها ابن تبون.
وقال مقربون من شيخي إن كثيرا من البنايات والعمارات التي تعود له بالعاصمة، وفي أرقى أحياء المدن الكبيرة، تمكن من إنجازها في ظرف قصير وبتسهيلات استثنائية، وذلك بفضل تدخل خالد تبون لدى والده الوزير للحصول على التراخيص اللازمة لذلك.