في يومها العالمي.. المحيطات رئة الكوكب وأكبر بالوعة لكربونه ومنظِمة مناخه

يصادف اليوم، الثامن من يونيو، اليوم العالمي للمحيطات، وحددت الأمم المتحدة، هذا العام، موضوع «الابتكار من أجل محيطات مستدامة» ليكون موضوع الاحتفال باليوم العالمي للمحيطات 2020.

يشار إلى أن اقتراح الاحتفال باليوم العالمي للمحيطات طرح لأول مرة في عام 1992 في أثناء قمة الأرض في ريو دي جانيرو بوصفه طريقة للاحتفال بمحيطنا العالمي المشترك وعلاقتنا الشخصية بالبحر، وكذلك إذكاء الوعي بالدور الحاسم للمحيطات في حياتنا، والطرق المهمة التي يمكن للناس بها المساعدة في حمايتها. وأعلنت الجمعية العامة في الخامس من ديسيمبر 2008، بمو جب قرار، أن الثامن من يونيو هو اليوم العالمي للمحيطات.
 
وتُمثل المحيطات أبرز سمات الكوكب، إذ تغطي ما يقرب من ثلاثة أرباع الأرض، وهي أساسية لبقاء الكوكب. ومثلما لا يمكن لأي شخص أن يعيش من دون قلب ورئتين سليمتين، فإن الأرض لا تستطيع البقاء من دون محيطات وبحار سليمة، ذلك أنها تعمل بمثابة الجهاز التنفسي للأرض، حيث تنتج الأوكسجين للحياة، وتمتص ثاني أكسيد الكربون والنفايات.
 
وتوفر المحيطات مستودع تخزين، وتمتص 30% من ثاني أكسيد الكربون العالمي، في حين تُفرز العوالق النباتية البحرية 50% من الأكسجين اللازم للبقاء. كما تقوم بتنظيم المناخ والحرارة، ما يجعل الكوكب قابلاً لاستضافة مختلف أشكال الحياة.
 
وربما لا تخطر المحيطات في أذهاننا عندما نفكر في قضية المخاطر التي تواجه الصحة العامة. إلا أن الحقيقة هي أن صحة المحيطات ترتبط ارتباطا وثيقا بصحتنا. وربما تفاجأ بعضنا عند معرفة أن الكائنات الحية المكتشفة في الأعماق تُستخدم لاكتشاف فيروس (كوفيد - 19، وربما تفاجنا أكثر إن أدركنا أن البيئة هي التي تحمل مفتاح الحل الذي تأمله البشرية.
 
كما تعمل المحيطات على تنظيم المناخ، فبما أنها تغطي 70% من مساحة الأرض، فهي تنقل الحرارة من خط الاستواء إلى القطبين، وهذا كله يساعد على تنظيم المناخ على الكوكب وتخفيف تغيّر المناخ الذي قد يحصل لاحقاً، فمياه المحيطات تساعد على جعل الجو معتدلاً وتنظم سقوط الأمطار وتحد من حدوث الفياضانات والجفاف.

وتقع محيطات العالم، بدرجات حرارتها، والتفاعلات الكيميائية فيها، وتياراتها وأنماط الأحياء التي فيها، في موقع الصدارة ضمن النظم العالمية التي تجعل الأرض صالحة لسكن البشرية. فمياه البحر ومياه الشرب والطقس والمناخ والسواحل والكثير من غذائنا وحتى الأكسجين في الهواء الذي نتنفسه، تُتاح جميعها وتُنظم عبر البحار والمحيطات. وفضلا عن ذلك، كانت البحار والمحيطات على مر التاريخ هي قنوات حيوية للتجارة والنقل.
 
وعلى الرغم من أن المحيطات هي سمة أساسية من سمات المستقبل المستدام، إلا أننا نشهد، في الوقت الحاضر، تدهوراً مستمراً في المياه الساحلية بسبب التلوث وتحمض المحيطات، ما يؤثر سلباً في عمل النظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي. وهذا يؤثر سلباً كذلك في المصايد الصغيرة.
 
لذا يتعين إدارة المناطق البحرية المحمية بشكل فعال وتزويدها بالموارد الكافية ووضع اللوائح اللازمة للحد من الصيد الجائر والتلوث البحري وتحمض المحيطات.
 
ومع تواصل التحديات التي تواجهها المحيطات، تزداد الحاجة إلى حلول جديدة وإلى أشخاص يتصدرون الجهود المبذولة لجعلها واقع معاش.
 
كيف يمكن أن يساعد COVID-19 في تحويل المد على صحة المحيطات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ؟
 
يمكن أن يساعد الوباء في تحويل المد على سلامة المحيطات في هذه المنطقة، وفقاً لتقرير للأمم المتحدة نشر في مايو 2020. وتشير الدراسة إلى أن الإغلاق المؤقت للأنشطة بسبب الأزمة، وكذلك انخفاض حركة المرور في البحار والطلب على الموارد البحرية، يمكن أن يمنح المحيطات «مساحة للتنفس تشتد الحاجة إليها» للتعافي من التلوث والإفراط في الصيد وتأثيرات تغير المناخ.
 
 ماذا يمكننا أن نفعل لتحقيق الاستدامة للمحيطات؟
 
لا  يمكن  أن  تتحقق  الاستدامة للمحيطات  المفتوحة والمناطق البحرية  العميقة إلا من خلال زيادة  التعاون  الدولي لحماية الموائل الضعيفة. 
 
وعلى  المستوى  المحلي، يجب علينا تبني خيارات تراعي حالة المحيطات عند شراء منتجات أو تناول الأغذية المشتقة من المحيطات، وألا نستهلك سوى ما نحتاج إليه. ويمكن البدء باختيار المنتجات المعتمدة. ويمكن  توفير  الطاقة بإجراء تغييرات صغيرة في حياتنا اليومية، مثل استخدام وسائل النقل العام وفصل الأجهزة  الالكترونية عن الكهرباء. 
 
وهذه الإجراءات تقلل بصمتنا  الكربونية، وهي عامل يسهم في ارتفاع مستويات سطح البحر. كما يجب  أن  نقضي على استخدام البلاستيك بقدر الإمكان، وتنظيم حملات لتنظيف الشواطئ. والأهم من ذلك، يمكننا نشر رسالة حول مدى أهمية  الحياة البحرية ولماذا يجب علينا حمايته.

ويأتي اليوم العالمي لهذا العام بالتزامن مع انتشار فيروس كورونا المستجد حول العالم، وفي هذه المناسبة قال الأمين العام للأمم المتحدة: «لقد ذكَّرتنا جائحة كوفيد-19 بأننا جميعاً مرتبطون برباط لا ينفصم ببعضنا البعض وبالطبيعة، وفي الوقت الذي يقوم العمل فيه على إنهاء الجائحة وإعادة البناء بشكل أفضل، تلوح لنا الآن فرصة نادرة للقيام بأمرٍ نحن مسؤولون عنه وهو تصحيح علاقتنا بالعالم الطبيعي، بما في ذلك بحار العالم ومحيطاته».
 
وأضاف: «فنحن نعتمد على المحيطات للحصول على الغذاء وسبل العيش وللقيام بالنقل والتجارة. والمحيطات، بوصفها رئة كوكبنا وأكبر بالوعة لكربونه، تؤدي دوراً حيوياً في تنظيم المناخ العالمي».
 
 
 
 

الأكثر مشاركة