مرحلة تلاحم وطني
بينما كان أحد رجال الأعمال الشباب يتفقّد معرض «سيتي سكيب»، الذي عقد في دبي الأسبوع الماضي، فاجأه مراسل لقناة إخبارية فضائية شهيرة، رافعاً «الميكروفون» في وجهه وهو يقول: «يبدو أن المعرض في هذه الدورة لم يحقق النجاح المطلوب، والزوار هنا جاءوا من أجل التفرج، أليس كذلك؟»، فأجاب رجل الأعمال: «هذا الكلام غير صحيح إطلاقاً، أنا الآن في طريقي للتوقيع على صفقة تبلغ 300 مليون درهم، وأتيت المعرض وأنا على استعداد للشراء في مشروعات أخرى بالإضافة إلى هذه الصفقة». ويضيف الرجل: «تغير لون المذيع وتركني على الفور من دون أن يسألني عن التفاصيل، وكان من الواضح جداً أنه لم يجد ضالته عندي».
مثل هذا الموقف، ومواقف أخرى كثيرة، ومثل هذه الفكرة التي تحاول هذه الفضائية ترويجها، ومثلها كذلك عدد كبير من وسائل الإعلام المرئية والمقروءة، خصوصاً الأجنبية منها، تنتشر بكثرة في هذا الوقت العصيب على العالم، ويبدو أن الهدف واحد وواضح، وهو النيل من اقتصاد هذه الإمارة والإمارات بشكل عام، التي يُزعج الكثيرين تطورُها ونموها على ما يبدو!
عموماً فإن الحكومة ليست مضطرة للرد على كل هذه السياسات الإعلامية الموجهة، خصوصاً أن المرحلة الحالية ليست بالتأكيد مرحلة بيانات إعلامية وردود صحافية، بقدر ما هي مرحلة عمل، وحكومة الإمارات فضّـلت العمل، فكانت أول دول خليجية، وربما عربية، تتخذ إجراءات احترازية للتعامل مع المتغيرات العالمية، وبالأمس أعلنت الحكومة عن أربعة إجراءات قوية، من بينها ضمان الودائع في البنوك، وهذه الخطوة تحديداً لم تجرؤ على الإعلان عنها سوى دولتين في العالم هما أستراليا ونيوزلندا، والإمارات ثالثتهما.
المرحلة الحالية مرحلة تلاحم وطني، وهناك مسؤوليات عديدة يجب أن تتحملها مختلف الجهات، كما يجب أن يتحمل الإعلام المحلي مسؤولية نقل الصورة الواضحة للمستثمرين والمودعين في البنوك، وأن يشكل بديلاً ناجحاً للأخبار الموجهة والمغرضة، التي تستهدف الإضرار بالاقتصاد الوطني، في الوقت الذي تقع فيه مسؤولية شبيهة على المؤسسات المالية والمصرفية، التي يجب أن تعمل جاهدة على تزويد المستثمرين بالمعلومات، والتواصل معهم ومع الإعلام، حتى لا يلجأوا إلى وسائل إعلامية أخرى مليئة بالشائعات والكذب.
الإجراءات الحكومية التي أعلن عنها، أول من أمس، مشجّعة ومطمئنة وأعادت الثقة للقطاعات المالية والمصرفية والعقارية، وأبلغ دليل على ذلك الارتفاع الذي حققه سوق أبوظبي أمس بواقع 6.92%، وسوق دبي بواقع 10.53٪، وحالة الانتعاش والارتياح التي شعر بها المستثمرون في القطاعات الأخرى، وهذا يعني بكل تأكيد أن لا خوف على أموال الناس في البنوك الوطنية، ولا خوف على قطاعي العقارات والخدمات، ولا خوف إطلاقاً على المستثمرين الذين اختاروا دولة الإمارات للاستثمار، مادام أن لها رئيساً وقائداً مثل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وحكومة يرأسها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
لسنا مع منع أي وسيلة إعلام من تأدية دورها، حتى وإن كان هذا الدور «مشبوهاً»، لكننا مع دعم الإعلام المحلي ليمارس دوره التنويري والتوعوي، ولا يهم بعد ذلك من اختلق شائعة أو حاول الاصطياد في الماء العكر!