شائعات «المسجات»

سامي الريامي

الإجراءات التي اتخذتها حكومة الإمارات، أنعشت الأسواق المالية، وبثت الثقة والطمأنينة في قلوب المستثمرين، وانعكس ذلك على التعاملات المالية كافة خلال الأيام الماضية.

الأزمة التي يمرّ بها العالم لها صبغة مالية واقتصادية، ولكن انعكاساتها على دولة الإمارات، ربما لم تكن ذات تأثير كبير في الأنشطة والقطاعات الاقتصادية لأسباب عدة، أهمها التدخل الحكومي والإجراءات الاحترازية التي بادرت الحكومة بتطبيقها، إضافة إلى عوامل أخرى كثيرة، مثل مساهمة الحكومة في نسبة كبيرة جداً من الشركات العقارية والمالية، وتوجيه الأموال للاستثمار الداخلي، والذي بدوره خفف كثيراً من التأثيرات السلبية الخارجية.

الحقيقة الأكيدة، أننا لم نتأثر كدولة بشكل بالغ من المتغيرات العالمية السلبية، والحقيقة الأخرى أن الإجراءات التي بادرت الحكومة باتخاذها كان لها الفضل في بثّ جوّ من الطمأنينة، لتواصل القطاعات الاقتصادية كافة عملها من دون «بلبلة» أو خوف، ولكن من الملاحظ جداً أن كل الإجراءات الحكومية المتخذة صبّت في مجال الاقتصاد وتوفير ضمانات للبنوك والمستثمرين، وتوفير السيولة الكافية متى تطلب الأمر، وهذا أمر طبيعي يتماشى ويتناسب مع العالم، لكننا هنا في الإمارات نعاني من أمور أخرى كان يجب النظر إليها أيضاً، ربما لا تكون ذات أهمية عندما تدخل في مقارنة بالأزمة المالية، لكنها في مجتمع وسوق مثل الذي يحيط بنا، أراها ضرورية ولازمة، وأهم هذه الإجراءات التي كنا نتمنى لو أقرتها الحكومة، هي تعيين متحدث رسمي يكون موجوداً ومتواصلا و«متوفراً» لوسائل الإعلام كافة، متى دعت الحاجة إلى وجوده. هذه الخطوة من شأنها توفير المعلومات اللازمة لوسائل الإعلام المحلية لتمارس دورها التنويري والتوعوي، وضرورية أيضاً لوسائل الإعلام الخارجية لوضع حد لانتشار الشائعات والتقارير السلبية الموجهة ضد الاقتصاد الوطني..

وفي ظل الظروف الحالية، وتوافر بيئة خصبة«للشائعات»، وسوء استخدام وسائل التقنية الحديثة في النقل السريع للأخبار الكاذبة بدءاً من الموبايلات وحتى المنتديات، كان من الضروري أيضاً معاقبة مروجي «الشائعات» قانونياً، وتعقب رسائلهم الإلكترونية،التي يثبت ضررها البالغ على الاقتصاد أو الأفراد، وأعتقد أن ذلك ممكن من خلال شركة الاتصالات، وذلك لأن ضرر هؤلاء على الاقتصاد الوطني لا يقل البتة عن أي ضرر آخر، بل ربما تشكل هذه النوعية خطراً اقتصادياً على الدولة، يفوق الأخطار الاقتصادية التي تأتينا من خارج الحدود.

لقد وصل استخدام التقنية للترويج السلبي، وتناقل الشائعات، والإساءة إلى سمعة أفراد ومسؤولين في الإمارات إلى درجة لا ينبغي تجاهلها إطلاقاً، والملاحظ أن هناك فئة متخصصة لتلفيق هذه الرسائل الهاتفية، بغرض إحداث «بلبلة» في مختلف الأمور، والغريب أن مصدقي هذه الرسائل كثر، والوقت الحالي لا يسمح للرد أو تكذيب كل إنسان «فاضي» لا هدف له سوى التلفيق والكذب، لذا فإن الإجراءات القانونية هي وحدها كفيلة بتقليل هذا الضرر السلبي، والقانون والعقوبات هما الوسيلتان الكفيلتان بإسكات «شائعات المسجات»!

تويتر