نظريات اقتصادية صعبة الفهم!

سامي الريامي

ارتفعت أسعار النفط خلال الشهور الماضية، ووصل برميل النفط إلى ما يقارب 150 دولاراً، فانقلبت حياتنا رأسا على عقب، وتحركت جميع قطاعات الحياة صعوداً إلى أعلى واكتشفنا فجأة أن النفط لم يكن سبباً من أسباب رخائنا ونموّنا وتطوّرنا فقط، بل هو سبب من أسباب شقاء الحياة التي نعيشها، وصعوبتها أيضاً، ولمسنا ذلك بوضوح منذ بدايات صعود أسعاره إلى مستويات تاريخية.

اقتصادياً، لا يمكنني تفسير ذلك، ولكن خبراء الاقتصاد يقولون إن هناك دورة للمال، تبدأ من أسعار النفط التي ترفع عند ارتفاعها أسعار «ساندويتشات الشاورما»، والألبان، وجبنة «حلوم»، وأسعار البطاطا والطماطم والكوسة و«الهامور» و«القباب»!

نعم هذا صحيح، فالنظرية الاقتصادية تقول«المفتاح عند البترول، والبترول يبغي حطب، والحطب عند الشجر، والشجر يبغي «بقر»، والبقر عندها حليب، والولد يبغي حليب، والشجر يبغي مطر.. والمطر من عند الله.. لا إله إلا الله»!

وبالفعل صدقت هذه النظرية، فعمت حالة من «هيجان» الأسعار جميع قطاعات الاقتصاد والحياة، وأصبحنا لا نستطيع سوى حصر نسبة الزيادة «غير المعقولة» التي اجتاحت المواد الغذائية، ومختلف الاحتياجات الحياتية الأساسية، خصوصاً تلك المتمثلة في مثلث المسكن والمأكل والملبس، وثنائية الصحة والتعليم.

آمنا بالله، ولا نريد فك طلاسم النظرية الاقتصادية السابقة، والتي ربطت بين سعر النفط و«ساندويتشات الشاورما»، وبين ارتفاع الإيجارات لمبان قائمة منذ عشرات السنوات، بسبب اختلاف سعر البرميل المتغير خلال أشهر قليلة ماضية، لكن نريد أن نفهم فقط لماذا لا نشهد العكس الآن، بعد أن تراجعت أسعار النفط ؟

خلال الفترة القليلة الماضية وصل سعر النفط إلى ما دون 70 دولاراً، فاقداً ما يقارب 50٪ من سعر الارتفاع، فهل انعكس ذلك على أي من القطاعات التي ارتفعت بمبرر ارتفاع الأسعار العالمية لبرميل البترول؟!

انخفضت أسعار النفط، وانخفضت أسعار الديزل، ولم نلحظ أي انخفاض في أي أسعار الإيجارات، لم يفاجئنا أي تاجر أو«مجموعة عمل» بالإعلان عن خفض أسعارهم بحجة انخفاض الأسعار العالمية للنفط، في الوقت الذي كانوا يصرّحون ويصرخون، ويشتكون إلى وزارة الاقتصاد، ومن ثم يرفعون السعر باستخدام سياسة الأمر الواقع مع كل دولار إضافي لأسعار البراميل! يعني باختصار، دورة المال لابد أن تسير دائماً وأبداً في اتجاه جيوب» التجار، وكبار المسيطرين على القطاعات الاقتصادية المختلفة، لأنهم «الأدرى» في التعامل مع دورة المال، وكيفية «شفطه»، ومن ثم «تصريفه»، أما المستهلك العادي فلا يملك الفطنة والذكاء في كيفية التعامل مع المال، ويكمن دوره فقط في تسلّم المال من جهة العمل، ليعطيه إلى من يملكون الخبرة في التعامل معه بأسرع وقت، فالوقت في هذه الأمور يعني مزيداً من المال! دور المستهلكين، يكمن فقط في إجراء العمليات الحسابية الصعبة، التي تجعلهم يفكرون ليل نهار في تقسيم الراتب الشهري على سبعة وسبعين شيئاً قابلة للارتفاع بمعدلات مستمرة، وقمة سعادة أي منهم عندما يستطيع تقضية الشهر من دون اللجوء إلى مساعدة صديق أو الاستعانة بمصرف ! الخلاصة أن النظرية الاقتصادية الثابتة هي «الأسعار الصاعدة لا يمكن أن تنزل أبداً، حتى لو استغنى العالم عن النفط، وعاد إلى عصر الحجر أو الفحم»!

تويتر