ميناوي وأفتخر

قبل نحو 15 سنة كنتُ أبحث عن سيارة رياضية مستعملة، وبالمصادفة عثرت على ضالتي المنشودة في منطقة «السطوة»، حيث كانت السيارة معروضة للبيع، وهي من نوع «شيفروليه كومارو». اتصلتُ بصاحبها ولم أفهم من لهجته الركيكة سوى جملته الأخيرة: «سبّر شوية أهينه بيي»، ثم أتممت معه عملية الشراء في اليوم نفسه، وقبل مغادرتي سألته «من وين بوالشباب؟»، فأجاب بنبرة غاضبة: «أنا مواتن!»، فقلت: «ما شاء الله مواتن، والنعم»، ثم تساءلت مع نفسي: «كيف تكون مواطناً إماراتياً بهذه اللهجة التي لا تمت بصلة للإمارات؟!».

كنت في تلك الفترة لا أزال طالباً جامعياً، ولاحظتُ استهزاء أصدقائي منذ أن بدأت أقود تلك السيارة إلى الكلية، وأطلقوا عليّ لقب «ميناوي». وميناو في الأصل منطقة لا أعرف مكانها بالتحديد لكن المهم أنها تقع في مكان ما في الضفة الشمالية من الخليج العربي، وتحوّل اسمي من سالم إلى ميناوي! تعجبتُ من استهزاء الأصدقاء وسألتهم ما حكاية الميناوي هذه؟! يا جماعة الخير أنا عربي ولست ميناوياً - مع احترامي طبعاً لجميع الميناوية - وهل السيارة التي أقودها مخصصة للميناوية فقط؟! فأجابوا: «إذاً لماذا تضع ملصقاً على مؤخرة السيارة مكتوباً عليه ميناوي وأفتخر؟!»، بصراحة لم أنتبه للملصق، وقلت حسبي الله عليك يا مالك السيارة السابق، ورغم انتزاعي لذلك الملصق على الفور إلا أن الأصدقاء استمروا يطلقون عليّ لقب ميناوي، فقمت بالتخلص من السيارة نهائياً وإعادة بيعها.

صدر خلال العام الجاري ما يسمى بعام «الهوية الوطنية»، ألبوم غنائي محلي هابط بعنوان «سلامي» لفرقة تدّعي أنها فرقة غنائية إماراتية، ولكن الغريب أن الفرقة تغني باللغة الفارسية، فكيف تكون إماراتية؟! لو كان غلاف الألبوم يحتوي على صورة أعضاء الفرقة وهم بلباس خبازي خبز «وقافي» أو بلباس مصلحي إطارات السيارات «البنجرجية» لقلتُ لا بأس، ولكنهم ظهروا على الغلاف بالزي الإماراتي! وهذا ما يشكل استفزازاً سافراً بحق هويتنا الوطنية، بل إهانة للزي الوطني الإماراتي تستوجب محاسبة تلك الفرقة ومحاسبة الذين وافقوا على إصدار هذا الألبوم، الذين لم يكتفوا بالموافقة على نزول نوع من الغناء الرخيص في أسواق الدولة، بل سمحوا للفرقة بإهانة اللباس الإماراتي. ولو كان أعضاء هذه الفرقة من غير الإماراتيين فبأي حق يلبسون الزيّ الإماراتي لترويج ألبومهم الركيك؟! أما إذا كانوا إماراتيين - وهذه طامة كبرى - فألا يراعون مشاعر بقية الإماراتيين؟! يبدو أنهم يعانون من خلل في مسألة الولاء والانتماء، هذا إذا كانوا بالفعل إماراتيين.

يحق لأي شخص أن يتفاخر بأصوله وبانتمائه من دون أي حرج، كصاحب «الكومارو» مثلاً، شريطة ولائه للدولة التي تربى وكبر فيها وأكل من خيرها وحصل على جنسيتها، لكنه لا يحق له سرقة ثقافة البلد كثقافة الزيّ مثلاً ثم ينسبها إلى بلد آخر! أليس كذلك يا «سلامي»؟

الأكثر مشاركة