5 دقائق
كلّنا يعلم ما تعانيه شقائق الرجال من الضيم والابتزاز والاستغلال المقيت من أخيها الرجل الذي استغل عاطفتها فسخّرها لمآربه المختلفة، فأشبع غريزته، وجعلها عاملة ناصبة لمصلحته، وهي التي تنشأ في الحلية، وترفل بالرقة، وهي مع ذلك تتحمل أعباء الإنجاب والتربية والمعيشة البيتية، وهكذا: يجمع ضعفاً واقتداراً على الفتاة أليس عجيباً ضعفها واقتدارها؟
ولقد كان هذا الابتزاز منظماً رعته دول ومنظمات، وعقدت له عشرات المؤتمرات والندوات، ونفذت على الواقع في كثير من المجتمعات، هذا بالإضافة إلى صدور عدد من الصكوك والمواثيق الدولية ذات الصلة بالمسألة الاجتماعية التي تدعو إلى ابتذال المرأة بما لا يليق بكرامتها عند الله وعند أخيها الرجل، فقد كان من أهم القضايا المطروحة في هذه المؤتمرات وتلك المواثيق الجائرة قضية المرأة بأبعادها المختلفة بحجة نصرتها وحمايتها من الاضطهاد والابتزاز الذي وقع عليها من أخيها الرجل، والحقيقة أنها قضية القضايا للعالم الإنساني، ولكنها ليست في العالم الإسلامي كشريعة ودين، وإن كان قد يحدث في هذا العالم بعض هّـات وثغرات في واقع العمل، لا في واقع التشريع، وللأسف الشديد أنه يُراد لصق ذلك الحال بالعالم الإسلامي، والحقيقة الماثلة أن هذه قضية العالم الآخر الذي أضاع حقوق المرأة كإنسانة لها مكوناتها النفسية والبيولوجية والفسيولوجية الخاصة التي تختلف عن الرجل كليةً، فلا تلتقي معه في هذه الخصائص، وقد أرادت هذه المؤتمرات أن تلغي هذه الفوارق، فتجعل المرأة تضطلع بالمهام والأعمال، وتحمل الأطفال وتربي الأجيال، وهذا لعمرو الله ليس بإنصاف لها ولا تكريم، وإنما هو استغلال وتأثيم.
إن المرأة أخت وبنت وزوجة وأمّ لها علينا حقوق كبيرة، من أهمها أن لا نبتزها ولا نستغلها ولا نظلمها ولا نجعلها تكدح وتشقى، زيادة عما تعانيه في أوضاعها الخاصة. لقد استغلت المرأة ذلك الاستغلال السيئ في العالم الآخر بحجة مساواتها بالرجل، وهي بين ظهرانيهم تصرخ بصوت يسمعه الجميع فتقول على لسان زعيمة حركة كل نساء العالم في أميركا، جويس دافسون: «هناك بعض النساء حطّمن حياتهن الزوجية عن طريق إصرارهن على المساواة بالرجل، إن الرجل هو السيد المطاع، ويجب على المرأة أن تعيش في بيت الزوجية، وأن تنسى أفكارها حول المساواة»، وتقول أيضاً على لسان الممثلة الأميركية كيت ونسلت: «إن هذه الطروحات تصيبها بالقرف؛ لأنها تصر على تجاهل حتى الفروق البيولوجية بين الذكر والأنثى»، وتؤكد هذا الكلام خبيرة في شؤون الأسرة الأميركية، هيلين أندلين، فتقول: «إن فكرة المساواة بين الرجل والمرأة غير عملية أو منطقية، وأنها ألحقت أضراراً جسيمة بالمرأة والأسرة والمجتمع».
والأخبار في ذلك كثيرة شهيرة، بألسنتهن لما اكتوين بنار المساواة المصطنعة، فقهرتهن الطبيعة الذاتية ليقلن الحقيقة الإنسانية، وهو الحال الذي أراده شرع الله المطهر الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، الذي أراد منها أن تقوم بواجبات لا يستطيع أخوها الرجل القيام بها، وأن تكون شريكة فاعلة في بناء المجتمع بما تقدمه من عمل يتناسب مع فطرتها، وما تأخذه من حقوق شرعية لها لا تنازع فيها، مع ما لها من الكرامة والمعزة عند الله تعالى وعند أخيها الإنسان. فهل تعي المرأة هذا؟
* كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والأوقاف في دبي *