إنجليزية أهل تايوان
قام مواطن بزيارة عمل إلى تايوان، فعاد منبهراً بما رأى، نظام ونظافة وإفراط في الأدب وحسن المعاملة. ومع ذلك لم يكن كل هذا هو مصدر الانبهار، وإن كان محلّ إعجاب. فالزائر الذي يحمل شهادة عليا، وتلقّى تعليمه في أميركا وواصله في بريطانيا حتى نال درجة الدكتوراة، أبهره في الشعب التايواني المستوى العالي للتقدم الذي وصل إليه على جميع الأصعدة، والمستوى المتدني لإجادة هذا الشعب للغة الإنجليزية. ويقول: «لقد حطمت هذه المعادلة كل المفاهيم التي تعلمتها هنا في بلادي، التي أقنعتني إلى حد الامتلاء بأن لا مجال لأي تقدم إلا عبر باب اللغة الإنجليزية، وألا فرصة للتعلم وفتح آفاق الحياة عبر حرف الضاد».
ففي تايوان التي ذهب إليها متنقلاً بين عدد من مصانعها وشركاتها تُصنع - على حد قوله - معظم أجهزة الحاسوب في العالم، وفي هذه الدولة الجزيرة يبدو الناس على مستوى عال من التعليم، ولها مع العالم، المتقدم خاصة، علاقات تجارية وصناعية وعلمية شديدة التعقيد. ومع ذلك فإن أحسن من تحدث معه هناك مستوى في لغته الإنجليزية كمستوى عامل بناء هنا في معرفته بـ«العربية».
لم يندم «الدكتور» على فرط اهتمامه بتعلم اللغة الإنجليزية طوال حياته لأنه أضاف إلى ما عنده رصيداً آخر، ولكنه يتساءل بنبرة يملؤها الأسى: «لماذا تصل بنا الدونية إلى حد إقحام أطفالنا الصغار، وهم في مرحلة الروضة، لشطر لسانهم، وتشتيت عقولهم ومراكز إدراكهم بفرض اللغة الإنجليزية عليهم وهم في مرحلة التلقي الأولى وسن تعلم الأسماء وتكوين الصور، وبناء المفاهيم؟»، ويتساءل: «لماذا الإصرار في عمليات التوظيف بالدوائر والمؤسسات الحكومية على أن تكون اللغة الإنجليزية هي جواز العبور إلى الوظيفة؟ فيتم إبعاد كفاءات وأصحاب مهارات عالية بجريرة ضعف المستوى في هذه اللغة»، ثم يختم: «ما علاقة امتحان «التوفل» بالتوظيف والترقية؟»، ويردّ معقباً: «عرفنا في دول الغرب الناطقة بالإنجليزية أن «التوفل» مقياس لاجتياز محطات القبول في الجامعات للطلاب الأجانب، ولم نسمع أنه كان في يوم شرطاً للحصول على الوظيفة».