إعاقتنا المخفية إلى أين؟
يخطئ من يتصور أن مفهوم الإعاقة أن تكون الأقدام عاجزة عن الحركة، أوتعجز الألسنة عن النطق، ما يمنع الأصوات عن الوصول إلى الآذان للتفاعل معها بحُرية، أو تعجز الأعين عن الرؤية فلا تشاهد لحظات الإشراق والنور.
بلا شك ذلك مفهوم خاطئ، بل ادعاء باطل حملته العقول الضعيفة، ومجرد ادعاء لايحمل قيمة معنوية تستقر في وجداننا.
فأرى أن الإعاقة هي أن نكون سالمين بأجسادنا وحواسنا المسخّرة من الله لوظائفها، ولكن نعجز عن الوصول لأهدافنا وطموحاتنا، وتحقيق المستحيل لتطوير ذاتنا، كما نعجز عن اكتشاف أسرار أنفسنا التي تحمل الآمال المخفية، فالإعاقة الحقيقية تطلق على كل عاجز بعقله وفكره عن تحقيق ذاته و آماله.
كثيراً ما عاهدتني الحياة على تحقيق أحلامي، وعاهدتها تحقيقها لكن بعد فوات الأوان، ها أنا في كل صباح استعد لمحاضراتي بطموح بات يراودني يوماً بعد يوم، ولكن لذة الكسل كانت أقوى من عزيمتي.
بعد أن لبست ثياباً قادني العقل لانتقائها، وحملتُ الدفاتر والكتب التي اشتاقت يداي للمسها، توجهت إلى كُليّتي التي تُثمر آمالي كل يوم، ولكن لم أتذوق منها شيئاً حتى الآن، ولن أتذوقها بسبب الصعوبات التي أواجهها.
نعم، اتهمتُ الخجل بأنه السبب الرئيس لفقداني معظم ثمراتي اليومية، وعدم تحقيق أحلامي، خجلتُ من السؤال الذي ظل متضارباً مع العقل فخسرت معلومة تقودني لطموحي، خجلتُ من التميز الذي يعزز ويقوي شخصيتي فخسرت درباً لقيادة طموحي.
لا أعلم لِمَ الخجل؟ لِمَ الكسل؟ لِمَ التراجع؟ لِمَ الخوف؟ أجابت النفس التي ملّت السؤال، أتبادل أنا ومن حولي الإحباط وكأنه قطعة شوكولاتة انتهت صلاحيتها وكل منا يهديها للآخر خوفاً على نفسه من دون حسبان. وأيقنت أنها إعاقتي الكامنة بداخلي، نعم إنها إعاقتي المخفية فهي من ذنبي أنا ولا دخل للآخرين بها.
لم تحتمل عيناي عندما رأيت المُقعد على كرسيه مثابراً ذا عزيمة صابرة حتى الموت، وكتم أنفاسه حتى يقطف ثمار النجاح والطموح المشرق وتوقفت قدماي لعل الوقوف أعظم من الخطوات العابثة بالحياة البائسة.
فهذه هي حالنا، إعاقتنا المخفية أحد أسرار الزمان، لا نكتشفها إلا بعد فوات الأوان، ولا يراها من حولنا وإنما نستشعر بها عندما نرى إنجازات الغير يتباهى بها التاريخ المزهر. فهل نبادر لإنقاذ أنفسنا؟ أم نبقى كما نحن؟ فتتدحرج الدقائق من بين أيامنا وعقولنا، ومن ثم تذبل الثمار وتتساقط بعد فسادها ولا يقترب منها أحد! حتى الحشرات الأرضية تخشى الاقتراب خوفاً على نفسها من التسمم.