من المجالس
نسمع عن التعليم بالمشاركة، وديمقراطية التعليم، وتشجيع المبادرة الفردية، والتعليم بالتحفيز، ومصطلحات كثيرة أصبحنا ننقلها من الكتب من دون أن نستوعب معانيها ونتحمل مسؤولية ترديدها. فلا مشاركة لأولياء الأمور، ولا عودة لرأي الميدان في اتخاذ قرارات تخص الطالب والمدرسة. قرارات فوقية نظن أنها متسرعة.. هي بالتأكيد لا تخلو من حُسن نية وحرص على المصلحة العامة، ولكنها في الحقيقة لا تحقق الهدف ولا تساعد على إدراك المقصد.
دوام يوم السبت كتعويض عن يوم فائت لم يحقق التعويض المرتجى، ولم يوفر لـ «برنامج الوزارة» التزامه بجداوله. وأحسب أن الإصرار في تسويغ القرار على مسألة الالتزام هو فرط في التنطع، وادعاء الانضباط المطلق على حساب المرونة المطلوبة. وقد حدث المحذور، وسقطت هيبة القرار من جديد، وبدت بعض المدارس كالخاوية على عروشها، وامتد الغياب من الطلبة إلى بعض المعلمين والمعلمات. وأحسب أن هذا الغياب لم يكن تقاعساً بقدر ما كان تسجيلاً لموقف من الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين المتغيبين. ولا أحسب أن في هذا الموقف تمرداً أو تحدياً، وإنما ممارسة للتعبير عن الضجر من استمرار عملية التجاهل والتهميش المستمرة في عمليتنا التعليمية، ليس على صعيد الدوام فقط، وإنما على جميع الصعد، ابتداءً من اختيار البرامج والمناهج الدراسية، وانتهاءً بالتعدي على الإجازات الرسمية المقررة حسب النظم واللوائح والقوانين.
الانضباط والجدية مسألتان مهمتان نؤيد وزارة التربية في مساعيها لجعلهما حقيقة قائمة في مدارسنا وبين طلابنا وطالباتنا، ولكن الإقناع مسألة ليست أقل أهمية. والمؤسسات التعليمية مؤسسات صناعة وعي وعقل وصقل شخصيات لا مؤسسات عسكرية. وعملية إشراك أصحاب العلاقة في صياغة السياسات تجعل من عمليات الإقناع مسألة تلقائية يدافع فيها الجميع عن القرار ويجعلونه واقعاً، ويحفظونه من الصدّ والردّ والتجاوز.
على هذه القاعدة نرجو أن تبني وزارة التربية والتعليم موقفها من مواقف الطلاب.. والمعلمين الذين تجاهلوا قرارها بالدوام يوم أمس السبت.. فالموضوع في حاجة إلى حل تربوي لا حل عقابي تعزيري.