أقول لكم

محمد يوسف

عندما قرأتُ تصريح ذلك المسؤول عن الصيد البحري والمخالفات، تذكرت صاحب مقهى في «أجوار رود» في لندن، حيث تجمّع العرب، وحيث تحولت الشيشة إلى مصدر دخل كبير للمقاهي هناك، ولكن قوانين البلدية تقف عائقاً أمام توسّـع تلك الأعمال واستقطاب الكم الهائل من «الكييفة» خصوصاً في الصيف، والتوسع لا يمكن إلا أن يكون على الرصيف، والرصيف طريق عام، ومن يشغل الطريق العام لابد أن يُخالف، ومن يُخالف يدفع 100 جنيه إسترليني عن كل مخالفة، وفكّر صاحب المقهى، واكتشف أنه إذا نشر 10 طاولات على الرصيف سيحقق دخلاً لا يقل عن 1000 جنيه في الليلة الواحدة، وإذا خصم المخالفة سيتبقى له 900 جنيه دخلاً صافياً، وكان ذلك حلّه العبقري، وحقق أكثر من 100 ألف جنيه في ثلاثة أشهر ودفع للبلدية أقل من 10 آلاف كما سمعت منه! وعندما تقوم وزارة البيئة بمراعاة ظروف الصيادين - كما تقول طبعاً - وتطالب بتعديل القانون الحالي الذي ترى أنه متشدّد جداً مع «المساكين» الذين يدمرون البيئة البحرية، ويتجاوزون نظم الصيد ووسائله ومواسمه، وتتحول الغرامة التي تصل إلى 100 ألف درهم عند تكرارها إلى 1000 درهم فقط، هنا ستتكرر حكاية «راعي الشيشة» اللندني، وسيحسب الصياد المخالف قيمة ما سينتج عن مخالفاته من ربح أكيد في مقابل الغرامة، وسترجح كفة الربح بلاشك، وسيخالف كل يوم، وسيتحول من «مسكين» إلى «مفتري» عبر تدميره دورة الحياة البحرية، ولا نستبعد أن تختفي كل مظاهرها بعد فترة قصيرة، ونحن نعلم أن القانون الحالي المتشدد لم ينفع مع الطامعين الجشعين، فكيف سينفع التساهل؟!  وزارة البيئة مسؤولة عن توضيح هدفها من تخفيف عقوبة المخالفة عن الصيادين، فهذا البحر هو الذي وضع قوانينه منذ الأزل، وعندما قمنا بتنظيم الوسائل والمواسم كان الهدف إعلام الصيادين بما هو مسموح وما هو ممنوع، وأظن أن القائمين على الوزارة قد مرّوا قبل القوانين بأسواق السمك، وكانوا يسمعون بالمواسم وحرص الصيادين على تنويع وسائل الصيد والتركيز على بعض الأنواع دون غيرها، وأنهم كانوا يعيدون الأنواع غير المطلوبة إلى البحر، فقد كان أولئك هم «أهل البحر» الحقيقيين، ولهذا خافوا عليه وحافظوا على عطائه الدائم، أما «صيادو اليوم»، فأنتم تعرفونهم جيداً!!


myousef_1@yahoo.com

تويتر