خسائر بمليارات الدراهم

سامي الريامي

4.6 مليارات درهم خسائر سنوية تتكبدها إمارة دبي بسبب الازدحامات المرورية، هذا  المبلغ لا يشتمل طبعاً على كلفة مشروعات توسعة الطرق، وإنشاء الجسور، وتكلفة المترو ومشروعات النقل الجماعي البري والبحري التي تنفذها الإمارة من أجل تقليل حدة الازدحام والاختناقات المرورية التي وصلت إلى درجة معقدة جداً.

مطر الطاير أرجع أسباب الازدحامات المرورية إلى عوامل عدة، منها محدودية الطاقة الاستيعابية للطرق، وتعطل المركبات، إضافة الى محدودية استخدام وسائل النقل الجماعي، وبعض سلوكيات السائقين، والأعمال الإنشائية والتحويلات المرورية.

وبالتأكيد هذه الأمور تعتبر من مسببات الازدحامات المرورية، لكنها ليست كل الأسباب، بل ربما تكون هي «أهون» المسببات، في حين توجد هناك أمور مفصلية في قضية الازدحامات المرورية، يجب النظر إليها بشمولية وتفصيل، وبما أني تحدثت عن أزمة طريق دبي الشارقة خلال اليومين الماضيين، أعود وأؤكد أن مسألة نزوح موظفي الدخول المتوسطة من دبي للسكن في الشارقة هي واحدة من كبرى المعضلات التي تتسبب في المأساة المرورية العالقة بين المدينتين، فهي السبب في الكثافة المرورية على الطرق الرابطة بين المدينتين، وهي السبب في تعطل المركبات، وهي المسبب لسوء سلوكيات السائقين لأن أعصاب كل منهم وصلت إلى «منخاره»، ولن نستغرب إذا وصلت الأمور إلى حد التعارك أو الشتيمة والصراخ! بالأمس ألقيت باللائمة على شركات التطوير العقاري التي وجهت مشروعاتها كافة نحو الإسكان الفاخر لأصحاب الدخول المرتفعة وكبار المستثمرين، ولم تستثنِ أي نسبة مهما كانت بسيطة من مشروعاتها لأصحاب الدخول المتوسطة والموظفين في مختلف الدوائر والشركات، فكان أول اتصال هاتفي أتلقاه منذ الصباح الباكر من فرحان فريدوني رئيس مجلس إدارة شركة سما دبي العقارية، الذي كان متجاوباً ومتعاوناً ومهتماً بالردّ على المقال بشكر ملحوظ. عموماً وجهة نظر فريدوني أن سما دبي تحديداً لم ولن تمانع في إقامة مشروعات من هذا النوع، شريطة أن تكون العملية مقننة، ومخططاً لها من الجهات المختصة بالتخطيط العام في الإمارة، وعلى ضوء العناصر التخطيطية يجب أن تصدر قوانين وأوامر محلية تلزم جميع الشركات العقارية بتخصيص نسب معينة من مشروعاتها لبناء مساكن لهذه الفئات، فيما عدا هذا الإلزام فلن تبادر شركة من نفسها على تنفيذ مثل هذه المشروعات.

وضرب فرحان مثلاً جميلاً حين قال إن شركة سما دبي عندما تنفذ مشروعات خارجية في دول عدة، من ضمنها دولة خليجية قريبة، تشترط عليها الجهات المانحة للتراخيص تنفيذ مشروع في المقابل لذوي الدخل المحدود أو المتوسط، مشيراً إلى أن الشركة تلتزم تماماً بالقانون وتضع هذه التكلفة ضمن دراسات الجدوى السابقة. إذاً لم لا يتم إقرار ذلك من الجهات المختصة في دبي، أليس بناء سما دبي مشروعاً من هذا النوع في دبي أفضل بكثير من البناء لدى الغير؟

لو نظرت كل شركة عقارية لمثل هذه المشروعات من باب زيادة هامش الربح فقط، فلن يتم تنفيذ أي شيء في هذا الاتجاه، أما إذا نظرنا للموضوع بشمولية أكبر، ومن باب الربح والخسارة، والمأساة التي تحلّ بالموظفين الذين تعتمد عليهم دبي في قطاع الخدمات الذي يعتبر أهم قطاعات الدخل القومي، ويتفوق على قطاع النفط بمراحل، لأدركنا أن هذه المشروعات توفّر علينا مليارات من الدراهم!  

  reyami@emaratalyoum.com

تويتر