من المجالس

عادل محمد الراشد

انخفضت أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى ما دون النصف، ولاتزال أسعار مشتقات النفط في بلادنا تحافظ على سقوفها التي رفعتها سابقاً تحت وطأة الارتفاع في السوق العالمية. الارتباط بين السوقين حضر بقوة يوم ارتفعت الأسعار، وهو اليوم يتراجع الحديث عنه، وتواصل شركات توزيع المحروقات صمتها المطبق وتجاهلها لما كانت ترفع صوتها عالياً به عندما أرادت أن ترفع أسعار منتجاتها. 

لم تعد الصورة واضحة، هل نحن مع سياسة السوق أم مع سياسة توجيه السوق؟ فالأمر يبدو متروكاً لأهل السوق، يقررون الأنسب والأصلح لهم وحدهم، ليتخذوه سياسة ويبنوا عليه قراراً.  فإذا كنا مع سياسة السوق، فإن أسواق النفط العالمية هبطت بأسعار النفط الخام إلى ما دون النصف. وأكثر شركات التوزيع عندنا سوغت قرارها برفع أسعار منتجاتها لأنها تشتري هذه المنتجات من الأسواق العالمية وتريد أن تكون جزءاً منها لكي لا تخسر يوم كانت الأسعار في أعلى مستوياتها.  وبناء عليه فإن هذه المعيّة والارتباط بالأسواق العالمية يفرضان على الشركات المحلية مجاراة التطورات في الأسواق الخارجية وتعديل أسعار منتجاتها بالنسب نفسها التي تتحرك بها السوق في الخارج. فهذه النسب هي التي كانت معيار الشركات في قرار رفع الأسعار، وهي التي يفترض أن تكون في قرار خفض الأسعار.

تعرض سعر الديزل لموجات هبوط فسرتها شركات التوزيع بأنها استجابة لحركة الأسعار في الأسواق العالمية، ولكن نسب الهبوط لم تكن متناسبة مع نسب الارتفاعات التي لاحقت أسعار النفط الخام وسبقتها في بعض الأحيان. أما المشتقات الأخرى، خصوصاً البنزين، فقد بدت وكأنها غير معنية بالأسعار العالمية التي كانت شعار مرحلة رفع الأسعار.  ولأن المحروقات والإيجارات والرسوم  الحكومية هي أضلاع المثلث الذي مثّل الغلاء يوم انفلت عقاله، فإن الإبقاء على هذه الأسباب عند حدودها وزيادة بعضها، كالرسوم الحكومية، يعني أن كل ما يقال عن هبوط مؤشر التضخم لا دليل عليه في الواقع، إلا بنسب ضعيفة فرضتها تداعيات الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها النفسية أكثر من تفاعلاتها الواقعية.


adel.m.alrashed@gmail.com 

تويتر