هيئة حكومية لحقوق الإنسان

أتفق مع الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، في حديثه بمناسبة إطلاق التقرير الوطني لحقوق الإنسان في الإمارات حين قال: «نحن فخورون بإنجازات الدولة في مجال رعاية حقوق الإنسان، والخطوات الإيجابية التي تحققت في ملف العمالة والمرأة، صحيح أن الوضع ليس مثالياً، لكن التطور الإيجابي الذي حدث يمكن أن يشكّـل أساساً قابلاً للبناء عليه وتطويره».

صحيح.. الوضع بالنسبة لملفات حقوق الإنسان بشكل عام ليس مثالياً في الإمارات، لكنه - وللأمانة الشديدة - ليس سيئاً، كما أنه قابل للتعديل والتطوير، ولن أستخدم مقارنات معينة هنا تكشف الفرق بين حقوق الإنسان في الإمارات وكثير من دول العالم؛ لأننا في الإمارات نضع أنفسنا دائماً في مقارنة مع الدول الحديثة والمتطورة، فلا يجوز استخدام هذه المقارنة فقط في العمران والاقتصاد والتطور التقني، ومن ثم نقارن أنفسنا مع دول أخرى نتفوق عليها في كل شيء حين يأتي الحديث عن حقوق الإنسان أو حرية الرأي والتعبير!!

عموماً ينقصنا في الإمارات بشكل واضح مسألة التعامل مع بعض القضايا  «البسيطة» بل ربما تكون أحياناً أقل من كلمة بسيطة، لكنها للأسف تتضخم وتتسرب إلى الإعلام الخارجي لتصبح لاحقاً قنبلة توجه ضد سياسات الدولة، وتمسّ صورتها، وتجعلنا نفقد كثيراً من مواقع التقدم في هذا المجال.. ولعل أقرب مثال على ذلك إغلاق بعض المنتديات «الهامشية»، والتي لا وزن ولا قُراء لها على الإطلاق، بسبب موضوع أو مقال لا يرقى الى درجة تسميته مقالاً في كثير من الأحيان، هذا التصرف المتسرّع من قبل بعض الجهات يجرّ علينا الكثير والكثير من الانتقادات القاسية، ويظهرنا أمام العالم بصورة مقيدي الحريات ومكممي الأفواه، بينما لو تم تجاهل ذلك الموقع أو ذلك الكاتب لما سمع عنه أحد، ولبقي مقاله لا طعم له ولا أثر!!

بكل تأكيد لسنا مع «السبّ والشتم والتشهير والقذف»، وبما أن غالبية المنتديات وكُتابها لا يعرفون الى اليوم الفرق بين النقد والشتيمة الشخصية التي يعاقب عليها القانون، فلنترك القانون يأخذ مجراه، والقانون في الإمارات يعاقب على القذف والتجريح الشخصي، إذاً فلنترك كُتاب المنتديات يكتبون ما يشاؤون، ولنحاسب من يتجاوز منهم، القانون بالقانون، وأعتقد مع وجود التقنية الحديثة فلا مجال للاختباء من هيئة تنظيم الاتصالات، أو الشرطة، خلف اسم مستعار، لكيل الاتهامات وسبّ البشر وتجريحهم، والمذنب لابد أن يلقى جزاء ذنبه، أما إغلاق الموقع والمنتدى بالكامل فإنها خطوة غير منطقية ولا حضارية، وبسببها ربما نتلقى الكثير من الانتقادات اللاذعة التي تتضخم وتأخذ أكبر من أبعادها بكثير، كل ذلك بسبب موقع مغمور أو كاتب متهوّر، فلِمَ نعالج التهور بالتهور؟! نحن فعلاً بحاجة الى هيئة «حكومية» مستقلة تُعنى بحقوق الإنسان، يكون من ضمن اختصاصاتها التدخل في مثل هذه الأمور «البسيطة» قبل استفحالها وتعاظمها، تقدم النصح للجهات بأساليب الحل الحضارية لأي مشكلة، بدلاً من استخدام حلول تجر علينا وابلاً من السخط، في زمن يتربص بنا الكثيرون، بسبب أحياناً ومن دون سبب في معظم الأحيان!!

 reyami@emaratalyoum.com

الأكثر مشاركة