من المجالس

التعاطي محلياً مع أزمة المال العالمية وتداعياتها اتسم سياسياً واقتصادياً بقدر كبير من الموضوعية والواقعية، ولكنه في الجانب الإعلامي ابتعد قليلاً عن الموضوعية وتسمية الأمور بأسمائها، فعلى صعيد القرار السياسي والفعل الاقتصادي بدأ التحرك الحكومي في وقت مبكر من حدوث الأزمة لحماية الاقتصاد الوطني، وبث التطمينات عملياً في نفوس المستثمرين والمودعين. وتواصلت التحركات على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية، وتوالت إجراءات الحماية، وتعاقبت القرارات التي من شأنها تقليل خسائر الأزمة العالمية، وتجنب الوقوع في مستنقعها بجر الأرجل أو التزحلق في أوحالها، فكان التحرك على مستوى الحدث بقدر كبير. على الصعيد الإعلامي والاتصال الجماهيري تأخرت الخطوات، ولم تستطع مجاراة الفعل السياسي والاقتصادي، فمن منطلق إرسال التطمينات، وإبعاد شبح الخوف والهلع لمنع إحداث الارتباك في الأسواق، وتحييد العامل النفسي في توجيه سلوكيات المستثمرين والمؤسسات على السواء، صار الخطاب الإعلامي في اتجاه واحد فقط، وبدت الرسالة وكأنها على طريقة دفن الرؤوس في الرمال، أكثر منها حرصاً على التغطية الإيجابية ونزع الروح السلبية. إلإيجابية مطلوبة لكبح جماح الواقفين على أطراف أصابعهم الجاعلين دائما من الحبة قبة، ولكن من الإيجابية أيضاً إضفاء قدر أكبر من الشفافية، والتمسك بالموضوعية، والاعتراف بحجم الخطر، والتعريف بواقع الحال. فهذه الإيجابية الإعلامية والإعلانية، تقابلها إيجابية واضحة على صعيد القرار السياسي والاقتصادي، أثبتت حتى الآن أنها على مستوى الحدث. فنحن في عالم بحجم قرية، فضاؤها مفتوح، والمعلومات تتدفق فيها كالسيل الجارف، وكثير من هذه المعلومات يمسك برؤوس الشائعات ليصيغها أخباراً وتقارير كاذبة. وصدور الأخبار من مصادرها، ورسم الصورة بأيدي أصحابها يقطع على هذه التقارير أكاذيبها وتهويلاتها، ويضع الواقع في مكانه، والأزمة في حدودها، ويضفي المزيد من المصداقية والانسجام بين الفعل الذي اعترف وتحرك بسرعة لمواجهة الأزمة والقول الذي لا يزال يراوح على السطور محاولاً إخفاء آثار الأزمة.

adel.m.alrashed@gmail.com

الأكثر مشاركة