أسعار الحج عندنا وعند جيراننا
طبيعي أن ترتفع أسعار الحج هذه السنة لأسباب واقعية، أولها أن الغلاء صار ظاهرة عالمية على جميع المستويات، ورحلات الحج تكاد ترتبط بعلاقة مع كل تفاصيل الحياة.. ابتداء من أسعار رحلات الطيران، وانتهاء بأسعار المعلبات الغذائية. وثاني الأسباب تلك التغيرات وعمليات الهدم التي طالت محيط الحرم المكي الشريف، فقلصت مساحات إسكان الحجيج، لتدفع بمؤشر الطلب إلى مستويات عليا جديدة، أدت إلى ارتفاع سعر الوحدات السكنية بمكة المكرمة. والسبب الثالث، يكمن في تقليص أنصبة الدول في عدد حجاجها لتنخفض «كوتة» الإمارات إلى أقل من النصف عن السنوات الماضية، فزاد ذلك من تأثير عامل الطلب المحلي على الحج مقابل قلة المعروض من المقاعد المخصصة. كل ذلك مفهوم لحدوث زيادة في أسعار الحج هذا العام عمّا مضى من الأعوام. ولكن غير الطبيعي هو نسبة الزيادة التي حدثت، والتي تبدو أنها سائرة إلى الأعلى دون سقف حتى ينتهي موعد تسجيل آخر حاج في قوائم الحملات. فكل الأسباب التي ذكرت في تبرير الزيادة تنطبق على حجاج الدول الخليجية المجاورة، ولكن الحملات العاملة في تلك الدول لم ترفع أسعار خدماتها بالشكل الذي فعلته حملاتنا. فقد كان التأثر بالأسباب محكوماً بمبدأ النسبة والتناسب، لا بمبدأ الاستغلال التجاري، الذي صار يتمترس على الدوام بعامل العرض والطلب.
ففي معظم الدول الشقيقة المجاورة، تبدأ أسعار الحج جواً بـ 12 ألف درهم، وترتفع بنسب منطقية قد تصل إلى 35 ألف درهم حسب مستوى الخدمات. بينما تبدأ الأسعار عندنا من 20 ألف درهم للحج السريع، ثم تتحرك بسرعة فائقة، حسب تاريخ التسجيل ودرجة الخدمة لتتجاوز الـ120 ألف درهم. وربما يكون شيء من ذلك مفهوماً ومقدّراً، إذا كان للحج الطويل الذي تزيد أيامه على العشرة، ويكون فيه السكن في الفنادق الفاخرة داخل المدينة المقدسة. ولكن كيف يكون مفهوماً ومسوغاً إذا اقتصرت الرحلة فقط على أداء المناسك الأساسية للحج والإقامة في خيام منى، دون غيرها ولمدة لا تتجاوز الخمسة أيام فقط لاغير؟