من المجالس
لكرة القدم خاصية تنفرد بها عن سائر اللعبات، ولا أقصد بالخاصية مستوى الشعبية الجارفة التي تتمتع بها اللعبة، ولكنها خاصية فنية إدارية تكاد تجتمع فيها كل عناصر العمل الإداري بمفهومه الشمولي، إن نجح تَحقَّق الفوز، وإن فشل كانت الخسارة. القيادة، والتخطيط، وروح الفريق، ودرجة التحفز، بالإضافة الى الموهبة، وكل هذه عناصر الإدارة المتكاملة. وفي كرة القدم تتوزع القيادة الى أن تلتقي عند قائد الفريق داخل الملعب، ويصبح التخطيط مسألة حتمية، وإلا صار اللعب بالأسلوب لا بالخطة. والخطة تبدأ بالإعداد وتنتهي بوضع الهدف النهائي، وهي تحقيق البطولات، وبروح الفريق تكتسب اللعبة متعة الأداء وتحقق أجمل النتائج، وبدرجة التحفز تتكرس روح الانتصار والجاهزية النفسية وتتكوّن شخصية البطل، وهو الفريق. ثم تأتي الموهبة الفردية لتجعل كل ما سبق واقعاً يصنع الانتصارات ويحقق البطولات وينشر الفرح. هذه أسرار كرة القدم التي لا تخفى على الجميع، ولكنها تستعصي في أحيان كثيرة على الكثيرين، فتتحول اللعبة إلى مجرد عمل مؤقت تنتهي عنده الآمال وتحبط الطموحات.
وفي المشاركة الإماراتية في بطولة كأس آسيا للشباب حضرت كرة القدم بمفهومها الإداري، بدءاً من القيادة التي ظهرت جلياً في شخصية كابتن الفريق حمدان الكمالي، الذي أكد في بداية البطولة أن الفريق ذهب للبطولة لا للمنافسة. وهذا خطاب جديد لم نتعود سماعه لأن الإفراط في التواضع كان دائماً عنوان مشاركاتنا الخارجية. وقد ظهر تأثير روح القائد في الفريق. وظهر الأثر في التخطيط الذي قاده اتحاد الكرة لمدة تزيد على الأربع سنوات ليقطف الثمار يوم الجمعة الماضي، وكانت روح الفريق هي الفكر الجديد الذي لعب به المنتخب بنمط لم نشهده في المنتخبات الوطنية من قبل. وتكاملت كل هذه العناصر بفكر وإقدام شباب موهوبين صنعوا الإنجاز بيد واحدة وروح واحدة، وأهدوه إلى الوطن الواحد، بشهادة تؤكد حصولهم على العلامة الكاملة، روحاً ولعباً وسلوكاً، فكانوا الأوائل من دون منازع.