كيس ملح في المحيط الهندي!!

سامي الريامي

كثير من القراء أرسلوا رسائل إلكترونية يسألون فيها عن حل مشكلة التركيبة السكانية في الإمارات، بعد أن كتبت الأسبوع الماضي أن حلولاً مثل «التجنيس أو تشجيع الإنجاب أو إلغاء المشروعات الصغيرة» لن تكون مجدية بمفردها، من دون حلول أكثر جرأة وقوة.

طبعاً مشكلة بحجم الخلل الحالي، لن يكون منطقياً حلها في مقال صحافي لكاتب، فهي أكبر من ذلك بكثير، لكني أرى أن الحل لن يكون في فكرة زيادة المواطنين، سواء بالتجنيس أو الإنجاب، مع أن هاتين الخطوتين في غاية الأهمية، وأنا لست ضدهما، لكن طريقة التفكير الأكثر فاعلية يجب أن تكون في الاتجاه الآخر، وهو التقليل من نسب وأعداد المتوافدين على الدولة، بشكل دقيق ومنظم، وفق أرقام وإحصاءات مدروسة توضع بدقة، ومن ثم يتم اعتمادها والتحكم فيها، بدلاً من ترك الباب مفتوحاً من دون دراسة أو توازن، لنفاجأ بعد فترة قليلة من قيام الدولة بواقع مؤلم تشكّل في غفلة منا، بأن أصبح مواطنو البلد أقل «جالية» من جاليات عديدة منتشرة بكثرة!

الواقع يفرض علينا أن نفكر في هذا الاتجاه، فلن نستطيع مهما أنجبنا أو جنّسنا أن نصل إلى رقم يحقق لنا الأغلبية، لكن نستطيع أن نتحكم في أرقام الجاليات الموجودة حالياً، التي يجب أن نضع لها شرطاً رئيساً في عدم طغيان أي منها على عدد المواطنين الموجودين، بمعنى أدق أن يكون عدد المواطنين أكثر من أو متساوياً مع كل جالية على حدة، والجاليات أو الوافدون من جنسية واحدة يجب تخفيض نسبتهم إلى عدد المواطنين لو تجاوزوا هذا الرقم.

بذلك نستطيع خلق نوع من التوازن، وبذلك نستطيع أن نكون غالبية على الجنسيات الموجودة. لا يهم عدد الجاليات إنما المهم ألا تطغى إحداها علينا بأرقام كبيرة، كما هو حاصل حالياً!

صحيح أن المسألة ليست سهلة، خصوصاً أن جنسية واحدة حالياً يفوق عددها مليوني نسمة،لكن أيضاً يمكن التعامل مع ذلك بشيء من الحكمة والتخطيط السليم والدقيق، ويمكن التعاطي مع هذه المسألة في هذا التوقيت الذي يعتبر الأكثر ملاءمة لحل مشكلة التركيبة السكانية، فالتباطؤ الاقتصادي العالمي خير مفتاح لنا للاستغناء عن أعداد هائلة من العمال وغير العمال، ونحن لن نكون أفضل حالاً من جميع دول العالم التي بدأت في «تسريح» أعداد كبيرة جداً من الموظفين والعمال!

لابد من إيجاد التوازن بين الجاليات، ولابد أن نضع خطاً أحمر على أعداد الأجانب لكل جنسية، والوضع الطبيعي أن نبدأ من الآن للتقليل من جنسية معينة أصبحت تشكل الغالبية، أو حتى إيقاف استيراد العمالة منها بشكل فوري، واللجوء إلى الجنسيات الأخرى الأقل عدداً لتحقيق هذا التوازن، وفي النهاية يجب أن نضع خطة طويلة الأمد نصل فيها إلى العدد المطلوب، بحيث لا يتفوق أي منهم على عدد مواطني الدولة.

حل كهذا هو الأقرب إلى الواقع الذي نعيشه، أيضاً لن أدعي أنه الحل لمشكلة بحجم التركيبة، لكني أقول إنه الأنسب والأكثر فاعلية، أما ترديد جُمل من نوع زيادة الإنجاب، وتجنيس الجميع، فهي بكل تأكيد لن تؤثر في بحر العمالة المتلاطم بمقدار ما يؤثر كيس ملح واحد في المحيط الهندي!

reyami@emaratalyoum.com

تويتر