من المجالس

الرياضة في ثقافتنا السائدة هي فعل تنافسي، يمارسه الموهوبون والمختصون، وتنظَّم له المسابقات لنيل الكؤوس وإحراز الميداليات. ولذلك فالرياضة عندنا نشاط نخبوي يقتصر على فئات محدودة، وليس نشاطاً شعبياً يحرص عليه عامة الناس.الحقيقة الثابتة، التي زاد حديث العالم عنها في هذا العصر، أن الرياضة والصحة صنوان متلازمان. ويقال منذ القدم إن «العقل السليم في الجسم السليم». وجُعلنا نردد هذا المثل أو الحكمة منذ أن عرفنا الدنيا، ولاتزال الأجيال تتعاقب على ترديدها، ومع ذلك فإن الرياضة لاتزال بعيدة عن أن تكون جزءاً من ثقافة عامة ونمط حياة عندنا.

وإذا كان للوعي نصيب من السبب فإن النصيب الأكبر يعود إلى النظام العام الذي يصنع الثقافة ويقدم لها الأدوات والتسهيلات التي تمكنها من التربع على قمة وعي الناس بأهمية الرياضة. والنظام العام عندنا متخلف أميالاً كثيرة وليس خطوات معدودة عن تحقيق هدف جعل الرياضة وممارستها ثقافة عامة ونمط حياة في مجتمعنا.

الرياضة في المدرسة لاتزال تراوح في دائرة المألوف القديم. بل ربما كانت الرياضة في مدارسنا، في المراحل الأولى من تاريخها، أكثر فعالية وأكثر التصاقاً بالمجتمع. والمفهوم النخبوي للسلوك الرياضي يبدأ عندنا من المدرسة، حيث الرياضة للموهوبين والمهووسين بها فقط، الذين يمكن أن يجلبوا البطولات ويرفعوا من رصيد الإدارات عند المنطقة أو الوزارة. وغير مادة التربية الرياضية لا يكاد يكون هناك أي نشاط رياضي مدرسي غير المشاركة، وهي نخبوية أيضا، في المناسبات العامة. بل إن المادة التي لا تعتبر رئيسة على جدول الحصص، كثيراً ما تصادر دقائقها المعدودات لاستكمال متأخرات المنهج في مواد أخرى، وكأن الرياضة وقت مستقطَع وُضع على جدول الحصص ليكون احتياطياً لزوم الحاجة. يضاف إلى ذلك أن مادة التربية الرياضية، حسب الموجود عندنا، لا تبني ثقافة، لأنها تعتمد على الترفيه وكسر روتين الحصص فقط، من دون أن تقدم معلومات تربط النشاط بمفهوم الصحتين الجسدية والنفسية، وتبني وعياً عاماً يكبر مع الولد والبنت، تكون فيه ممارسة أي نشاط رياضي جزءاً من نظام حياتهما اليومية في كل مراحل الحياة.


 adel.m.alrashed@gmail.com

الأكثر مشاركة