بشرك الله بالخير «بوعبدالله»!!
تأثيرات الأزمة المالية العالمية في مجتمع دولة الإمارات ليست كلها سلبية، هذا ما يبدو واضحاً، بعد أن سمعنا الكثير من التصريحات، ورأينا الكثير من الإجراءات التي تصب جميعها في خانة التريث، واستعادة الهدوء، والتوازن، وحركات التصحيح في مختلف المجالات الاقتصادية.
وهذا ليس كل شيء، فالأزمة لن تصحح القطاعات المالية والعقارية فقط، ولن تعمل على خلق مزيد من الحرص والتخطيط الواقعي في فكر كبار التنفيذيين المسؤولين عن هذه القطاعات، بل يبدو واضحاً أن تأثيراتها ستتجاوز القطاع الاقتصادي وستدخل في تصحيح كثير من السلبيات الأخرى التي تعانيها المجتمعات العربية بشكل عام والإمارات على وجه الخصوص.
بشرنا، أمس الأول، أحمد عبدالله الشيخ «الله يبشره بالخير»، في تصريحات خاصة لـ «الإمارات اليوم» قال فيها: «الكثير من الفضائيات متوقع اختفاؤها تماماً خلال المرحلة المقبلة، في حين سيكون الدمج خياراً وحيداً لدى قنوات أخرى، كفرصة وحيدة ضمن صراع البقاء الذي سيفرز حتماً خارطة جديدة للقنوات الفضائية العربية».
وكما قلت في مقال، الأمس، إن الأزمة المالية العالمية ما هي إلا هدية السماء للمجتمعات الخليجية، وهذا ما تأكد لي بعد قراءة تصريحات «بوعبدالله»، فالأزمة، الآن، ستعيد ترتيب أولويات الكثير من التجار والمستثمرين والمعلنين، ما سيشكل تغييراً كاملاً في السياسات المحركة لأسواق الدعاية والإعلان، وهذا بدوره سيؤدي إلى القضاء على الطفيليات التي غزت مجال الإعلام المرئي بأتفه المنتجات من أجل هدف «تجاري» واحد وهو جني الأموال من المشاهد تحت مسميات «هابطة» عديدة، ولم تقم على أسس إعلامية دقيقة تلبي توقعات القاعدة العريضة للمشاهدين العرب، فجاءت الأزمة لتعمل على «تجفيف» منابع الصرف على هذه الفضائيات، لتواجه مصيرها القائم على أساس «هش»!!
صحيح أن بعض هذه الفضائيات حقق أرباحاً طائلة خلال الفترة الماضية، عن طريق استخدام أساليب الرسائل النصية القصيرة، ومشاريع تحميل نغمات الموبايل، و«الكليبات» الأقرب إلى أفلام الإثارة منها إلى الفن، هذه الأمور ساهمت بشكل كبير في إصابة الإعلام المرئي العربي بتخلف شديد، لكن نأمل الآن ألا تدوم هذه المرتكزات التي خطط لها أصحاب تلك الفضائيات، خصوصاً أن التوقعات تشير إلى أن المعلن والمشاهد سيستعيدان توازنهما، وهذا التوازن لابد وأن يبدأ من تقليل الصرف على الأمور التي لا حاجة لها.
جاءت الأزمة المالية لتحقق ما عجز عن تحقيقه الكثير من قادة الرأي والمثقفين، وكبار التنفيذيين، وربما وزراء الإعلام العرب، وحتى قائد عام شرطة دبي، الذين حاولوا «مشكورين» إيقاف هذه «المهازل» على الهواء، فلم يستطيعوا بعد أن اكتشفوا أن لا سيطرة يمكن فرضها على «الفضاء».
الآن تعلمنا أن «المال» وحده هو الذي يستطيع السيطرة على كل شيء، وهو الذي يغير الخطط والاستراتيجيات الكبيرة والصغيرة، وهذا ما ألمح إليه «أحمد الشيخ»، عندما قال: «مستجدات أسواق الدعاية والإعلان باتت تهدد مئات القنوات العربية الخاصة بالإغلاق، بعد أعوام من المكاسب».
وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، هذا ما يمكن أن نختم به مقالات الدروس والعبر المستفادة من الأزمة المالية العالمية على مجتمعنا وقضايانا الرئيسة!!