نحن الوطن

عادل محمد الراشد

كلما اقترب الشهر الثاني عشر من كل عام ميلادي زادت وتيرة الإحساس بالتوحد مع الوطن على إيقاع «وطني أنا». فتذوب الذات في الوطن، ويصبح الوطن هو عنوان الذات وبطل قصة حياتها الماضية والآتية على وقع خطوات القادم من أجيالها. ومن بين كل تفاصيل هذا البناء العظيم، بمؤسسيه وقادته ومواطنيه، ينطلق الجيل الواعد ليقدم أحلى ما في الصورة من ألوان. ألوان تتماهى بين الأبيض والأحمر والأسود والأخضر فتمزج الدنيا بخيوط الأمل، وخطوط الطموح، واشارات الجموح. انطلق طلاب وطالبات المدارس أمس، بجميع مراحلهم العمرية، ليدشنوا احتفالات الوطن بذكرى اتحاده، وكأنهم يرسخون المقاربة الجميلة بين فئاتهم العمرية الشابة وبين الوطن الشاب الذي يزهو بحيوية الشباب غير آبه بتعاقب السنين، ويزداد تمسكا بالحكمة من قبل أن يبلغ سن الشباب. فالشباب هم البند الأول في جدول أعمال الوطن، وهم الذخيرة التي اتكأ عليها بناء الوطن، وهم مفتاح القادم من عمر الأمل الذي كان دائما هو عنوان ثقافة «وطني أنا». وعندما تكون الروح الوطنية في هذه الأيام في أعلى مستوياتها، وتكون الروح المعنوية في أعلى مراتبها، تنشد المواطنة سقف متطلباتها، فيصبح من حق الوطن ألا يكون حضوره في يوم أو يومين، وألا يصبح الحلم مجرد عاطفة، وألا يترجم الحب إلى حماس. فعندما قام الاتحاد وأصبحت دولة الاتحاد حقيقة قائمة رغما عن كل التجارب العربية المماثلة الفاشلة، كان هناك حلم تدعمه رؤية، وكان هناك حب جارف قاد إلى بذل وجهد وعرق وسهر وتضحيات قدمت للأمة وللعالم قصة ولادة طبيعية، في ظروف غير طبيعية، أدت إلى نشوء كيان عربي وحدوي تجاوز حدود السياسة والجغرافية إلى الإنسان.. المواطن الذي كان مشروعا فأصبح واقعا يسجل الانجازات، ويحقق المكتسبات، ويكتب اسم الوطن في أعماق تكوينه بعد أن جعله الوطن أساس تكوينه.

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر