ثقافة الاستقالة أو الإقالة!!
لقد استقال وزير الداخلية الهندي باتيل بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة التي حدثت في مومباي؛ لأنه حمّـل نفسه مسؤولية فشل الحفاظ على الأمن وعلى أداء واجباته على أكمل وجه، وماذا عنا نحن؟ هل نملــك القدرة على اتخاذ مثل هذه القرارات الشجاعة؟ لماذا تغيب ثقافــة الاستقالة في مجتمعاتنا مع أنها من أساسيات القيادة الرائدة في المجتمــعات المتقدمة؟!
فالشخص المسؤول تجده ملتزماً تجاه أمته بتقديم كل ما يستــطيع لضمان عدم حدوث خلل من جانبه قد يؤدي إلى إلحاق الضرر بمواطنــيه، وإذا أحس في أي لحظة بعجزه أو فشله في تحقيــق ذلك تنحـى عن منصبه.
وهنا تذكرت بعض الكوارث التي حدثت في مجتمعنا الرياضي، والأخطاء الفادحة التي كانت كفيلة باستقالة بلد برمته وليس بمجرد وزير! فلماذا لا نحاول تثقيف أنفسنا وترويضها على ثقافة الاستقالة بدلاً عن الإقالة؟
مشكلتنا الأزلية تكمن في أن المدير أو الإداري أو المدرب على اعتقاد تام ودائم بأنه لم يقصر في شيء، وأنه يؤدي واجباته بالتمام والكمال، فالنجاح لديه ليس في ما تم تحقيقه أو في تلبية احتياجات ناديه أو في حل مشكلات اللاعبين، بل النجاح عنده يقاس بطول المدة التي يجلس فيها على العرش، محققاً أكبر عدد من الأخبار والصــور ولا ننــسى طبعاً «القـــفل وحركة اليد والإصـــبع في الصورة»، وأخيراً جـــماعة «مكانك قف» واترك الأمور على حــالها دون تغيير.
وإذا نظرنا إلى اليابان مثلاً لوجدناها تتمتع بثقافة فريدة وهي الانتحار في حالة الفشل والهزيمة (هاراكيري).
وهذا النوع من الانتحار اشتهر به السموراي؛ لأنه يفضل الانتحار من أجل المحافظة على كرامته بدلاً عن العار.
ومعاذ الله أن أطلب من أي شخص قتل نفسه، ولكن يبدو لي أن ترك الكرسي هو الموت بعينه عند البعض وأقرب إلى الانتحار.
واعتقد أن السبب الرئيس وراء ترك الاستقالة في الأدراج لا تكمن في المدير أو الإداري أو المدرب فقط، بل أيضاً في مرجعياتهم التي اختارتهم منذ البداية أو التي سمحت لهم بالاستمرار رغم القصور الواضح والنتائج السيئة التي تظهر يوماً بعد يوم.
وأنا هنا أطالب الجميع بأن يعيدوا حساباتهم وأن يقيّموا أنفسهم، وإذا شعر أي واحد منهم بأنه لم يقدم شيئاً أو تسبب في مشكلة كبيرة بقراراته الخاطئة أو أساء إلى النادي، أن يتنحى جانباً ويقدم استقالته، وأن يفضل الاستقالة على الإقالة.