بخبرة أو بدونها.. لا توطين!!

سامي الريامي

من أهم شروط تعيين المواطنين في القطاعين العام والخاص، توافر الخبرة، ومع أن هذا الشرط مجحف كثيراً في حق الخريجين الجدد، إلا أنه سلاح مرفوع في وجوههم دائماً، مع أن الواقع يثبت أن كثيراً من الأجانب يزاولون مهناً في الدولة، هي الأولى من نوعها في حياتهم العملية، ومع ذلك لم يشترط عليهم أحد توافر هذه الخبرة!

وعلى الرغم من إمكانية التغلب على هذا الشرط، والاستعاضة عنه بدورات تدريبية أو «كورسات مكثفة»، خصوصاً عند تعيين المواطنين في الوظائف المتوسطة التي لا تحتاج إلى سنوات طويلة من الخبرات المتراكمة، إلا أنه من الواضح تماماً أن وجود هذا الشرط ما هو إلا تعجيز بدافع عدم التعيين.

ما يجعلني أؤكد هذه الحقيقة، التي لا تحتاج إلى تأكيد أصلاً، هو تغيير شروط التعيين مع اختلاف المتقدمين للوظائف، بمعنى هناك من يرفض لنقص الخبرة، وهناك من يرفض لعدم إتقان اللغة الإنجليزية، وفقاً لمعيار «شكسبير»، بل والأغرب من هذا وذاك هو الرفض بدعوى «زيادة» الخبرة!

هذا تماماً ما صادفته إحدى المواطنات التي تمتلك تاريخاً حافلاً بالخبرات والوظائف القيادية، مدعوماً بشهادات عليا، وثلاث لغات حية، تمت مقابلتها في أكثر من جهة حكومية وخاصة، وبعد المقابلات تأتيها رسائل الاعتذار عن عدم التوظيف، ليس لأنها غير مؤهلة، بل لأنها «فوق المؤهل»، وليس لأنها ضعيفة بل لأنها «قوية زيادة عن اللازم»، وليس لأنها لاتملك خبرات كافية بل لأنها «فوق الخبرة» المطلوبة!

وضع غريب للغاية، يعني لا المواطن قليل الخبرة مرغوب، ولا الذي يملك خبرات كافية يجد فرصته، ولا المواطن الضعيف في اللغة الإنجليزية مرغوب، ولا حتى المواطن الذي يتحدث بلغات ثلاث مرغوب! إذن أين تكمن «علة» عدم الحصول على وظيفة؟ من الواضح جداً أنها مربوطة بـ«الجنسية» أكثر منها مسألة مؤهلات ودرجات علمية وخبرات عملية!

تقول هذه المواطنة:«لقد ذهبت للمقابلات بناء على طلب من هذه الجهات، فأنا لم أسع إلى طلب التعيين لديهم، لكني صدمت بأسباب رفضي، تمنيت أن يبينوا لي نقاط ضعفي لكي أقويها، لكنهم قالوا لي بالحرف الواحد وكأنهم جميعاً متفقون على الإجابة أنتِ Over qualified!

هذه الأخت مازالت مصدومة، ونحن معها أيضاً، فكيف يُرفض شخص لأنه «مؤهل»؟ سألتني هي عن السبب الحقيقي لرفضها، فقلت لها إن من الواضح جداً أنهم لا يريدون تعيينك، أو بشكل عام لايريدون تعيين مواطن أو مواطنة. أجابت:«إذن ما الحل؟» قلت لها:«بالنسبة لي لا أجد إلا هذه الزاوية لأعبر فيها عن صدمتك، وصدمتي معك»، قالت:«وهل هذا يكفي؟»، قلت:«بالتأكيد لا، وماذا عساه أن يفعل مقال صغير إزاء مشكلة كبيرة بحجم عدم تعيين المواطنين، خصوصاً في القطاع الخاص!».

قالت:«هذا كل مالديك؟»، قلت:«لا، هناك شيء آخر»، قالت:«ما هو»، قلت:«الله يعين الجميع»!

reyami@emaratalyoum.com

تويتر