جورج «شوز»!!
قبل أسابيع قليلة، اعترف الرئيس الأميركي جورج بوش بأنه اعتمد على معلومات خاطئة حول أسلحة الدمار الشامل هي التي قادته لاتخاذ قرار غزو العراق، ومعنى ذلك بكل بساطة أن هذا الخطأ «البسيط» كلّف العالم مليون قتيل عراقي وأكثر من 5000 قتيل أميركي، وهدر مئات المليارات التي يصعب تعويضها في هذا الوقت العصيب، إضافة إلى هدر 100 مليار دولار في مسألة إعادة إعمار العراق، وتسبب بكل برود في دمار وضياع بلد وشعب، ومع هذا كله يشعر معظم العراقيين اليوم ومعهم عدد كبير جداً من العرب بأن «بوش» لقي جزاءه العادل، ليس اغتيالاً برصاص، أو سحلاً وراء عربة مصفحة، بل بكل بساطة بفضل «حذاء» قديم مقاس «44»!!
ومع أن بوش الذي لم يحسن قيادة أميركا، وصنّفته بعض استطلاعات الرأي «الأميركية» كأسوأ رئيس أميركي على الإطلاق، إلا أنه أحسن التصرف والتمايل بسرعة شديدة مع اتجاهات «الحذاء» فنجا من اللطمة الجسدية بـ«الجزمة» إلا أن اللطمة المعنوية الكبرى أصابته وأصابت سياسته الخارجية التي قادت العالم إلى الدمار، واللطمة المعنوية هذه أعادت الشعور بالنصر عند معظم المتضررين من عجرفته سواء في الوطن العربي أو في غرب العالم وشرقه!!
الجميل في الأمر أن «بوش» لن يفلح في إعادة ترتيب بعض الأوضاع بعد ظهور سلاح «الحذاء» الشامل، لأنه من الراحلين غير المأسوف على شبابهم، فلن يستطيع مثلاً إجبار الدول العربية على التضامن معه، وعدم السماح للصحافيين بلبس أحذيتهم أثناء المؤتمرات الصحافية، ولن يستطيع إضافة الحذاء العراقي إلى قائمة الممنوعات التي تحتاج إلى رقابة عسكرية ومالية واستخباراتية، كما لن يستطيع فرض حصار بحري على العراق لمنع دخول مزيد من الأحذية، أو وقف تصنيعها في بغداد، بعد أن ثبت أن قوتها تعادل قوة أعتى الصواريخ التي أرسلها ليدكّ بها البلد منذ أعوام عدة!!
لن يتذكر العالم الموتى ولا القتلى، والعراق لابد له أن يتعافى في يوم من الأيام، كما أن الأزمة المالية الخانقة لابد وأن تصبح ذكرى عابرة في يوم ما، لكن «حذاء» منتظر سيظل عالقاً في الذاكرة الأميركية والعربية والعالمية، وكلما ورد اسم بوش أو أحد من أهله مستقبلاً سترد بتلقائية وبتلازم شديدين حادثة الحذاء العراقي الطائر!! ولو كان الأميركان يعرفون «اللبوقة» لتغير اسم عائلة جورج دبليو بوش إلى جورج دبليو «شوز» أو بالمحلي «عيال قوم بالجوتي»!!
«نهاية طبيعية لفترة حكم بوش» بهذه الكلمات عنونت صحيفة «نيويورك تايمز» على الحادثة، مشيرة إلى أن ما حدث طبيعي مقارنة بما فعله بوش في العراق!!
هل لنا أن نتخيل ذلك؟ «حذاء» قديم يعيد العدل إلى العالم، يعيد الكرامة المفقودة منذ سنوات طويلة، حادثة لم تستغرق سوى ثوانٍ لكنها ستظل مسجّلة في التاريخ إلى أبد الآبدين!!