ساعات الدوام
كان في «فريجنا» رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون، اصطلح أهل «الفريج» على تسميتهم بعصابة الخمسة تيمناً بأبطال إحدى القصص المصورة في الثمانينات، لم تسلم منهم قطة، ولا من كرتهم نافذة، كانوا أول من ادخل السجائر وأول من تاجر بالغراء وأول من شم (السمسوم).. يحلون دوماً ضيوفاً أعزاء على المركز.. ويعرفون كل ثغرة في سور المدرسة..
ومع نفحة من النفحات الإيمانية التي تزور كلاً منا كضيف خجول.. ذهبت لأداء صلاة الفجر في المسجد لأفاجأ بعد كل هذه الأعوام بهذا الرهط وهو يصلي في الصف الأول، فهزني الموقف هل هي التوبة الجماعية أم هو التقهقر فينا، إلا أن جارنا لمح هذا الذهول فأسعفني بالتفسير «إنهم يجب أن يخرجوا في هذا الوقت وإلا فلن يلحقوا على دواماتهم في دبي»..
كتب الكثير عن موضوع ساعات الدوام وأصبحت الشوارع نتيجة الإصلاحات المتزامنة في كلا الإمارتين موضوع الساعة وطرح اقتراح تغيير مواعيد عمل بعض الدوائر إلا أن آفة الخوف مما هو غير مجرب مازالت تسيطر على الجميع ولم يتم اتخاذ قرار لن يتم وصفه إلا بالـ(شجاع) حتى وإن لم ينجح.. فالحاجة أصبحت فعلاً ملحة، فما شأن المراجع العادي بالموظف المختص بموضوع له علاقة بالحسابات الداخلية ولا تواصل له بالجمهور. لماذا يجبر هذا الموظف على الحضور والانصراف مع موظفي الخدمات المباشرة للجمهور ويزاحمهم الشارع وأماكن العمل..
في الإدارة ككل علم آخر توجد توجهات وآراء عدة لكل شيء ومن ذلك أيضاً الآراء الخاصة بمواعيد الدوام وأوقاتها فبينما يرى وزير العمل السعودي د.غازي القصيبي في كتابه حياة في الإدارة «بأن الذي لا يستطيع المحافظة على ساعات عمله لا يستطيع الحفاظ على المهام الموكلة إليه»، وكان قد وزع في يومه الأول وزيراً بطاقته الشخصية على المكاتب الخالية وقد كتب على ظهرها «حضرت بعد بداية الدوام بأكثر من ساعة ولم أجدك، أرجو أن لا يتكرر هذا التصرف».. فلصاحب السموّ حاكم دبي رأي آخر في «رؤيتي» حيث يقول :«إن المدير الذي يدخل المكتب صباحاً ولا يخرج إلا بعد نهاية الدوام مدير فاشل ولو كان مجداً، إن لم يطور نفسه».
ومع استعراض الرأيين الإداريين أرى أن الأصلح مع الاحترام كل الاحترام للرأي الأول هو الرأي الثاني حيث جربت العديد من الشركات العاملة في مجال البترول في العاصمة نظام ساعات الدوام حيث يجب على الموظف غير المتعامل مع الجمهور قضاء ساعات الدوام في المكتب، وتحسب أوتوماتيكياً بمعنى أنه يستطيع الحضور والانصراف كيفما شاء على أن يوجد لمدة ثماني ساعات في المكتب يومياً.. وقد سمعنا عن التجربة الشجاعة لبعض الدوائر في أبوظبي لتطبيق نظام ساعات الدوام المرنة في الأيام القليلة المقبلة على الرغم من أنها (العاصمة) بمنأى نوعاً ما عن الزحام المروري الذي يفتك بأخواتها الشماليات..