من المجالس
5.5 ملايين وافد مقابل 900 ألف مواطن. 90٪ من إجمالي القوة العاملة وافدة في نهاية .2006 أي قبل سنتين، تعني 24 شهراً في كل يوم منها يسجل مؤشر التأشيرات أرقاماً تسابق الريح. 87.1٪ من سوق العمل بيد العمالة الآسيوية وحدها، 1.9 مليون طفل وامرأة يشكلون عائلات العمالة الوافدة.
هذه الأرقام كشفتها اللجنة المؤقتة للعمالة الوافدة في المجلس الوطني الاتحادي في تقريرها الذي ناقشه المجلس الأسبوع الماضي، وتم نشره بتفاصيل أكثر في الصحافة المحلية. هذه الأرقام المفزعة والمرشحة للمزيد من الصعود تثير المزيد من علامات الاستفهام. فإذا كانت كل هذه الجيوش هي فعلاً قوى عاملة في مشروعات التنمية المستدامة التي يدور الحديث عنها كثيراً فإن للسؤال عن وجودها إجابة. وأما إذا علم أن أعداداً هائلة من هؤلاء، خصوصاً الآسيويين وعلى وجه الخصوص الهنود، يؤدون وظائف هامشية، ويمارسون أنشطة غير ذات صلة بالمشروعات التنموية، وكثير منهم عاطل عن العمل، فإن السياسة السكانية تصبح عندنا ضرباً من العشوائية ونوعاً من الاستسلام الكامل لواقع الاجتياح.
في إمارات ومدن وقرى ومناطق وشوارع وأحياء الدولة.. كم بقالة؟ وكم مغسلة ملابس؟ وكم «بنشرجي»؟ وكم خباز؟ وكم محل ميكانيكي؟ وكم خياط؟ وكم حلاق؟ والقائمة طويلة لا تحصيها إلا سجلات الغرف التجارية. وداخل كل محل من تلك المحال.. كم عامل وبائع ومندوب؟ وعلى رخصها كم تأشيرة إقامة؟ الحديث عن المشروعات الكبرى له مقام آخر، يحتمل التفصيل والتصنيف في ضوء الحديث عن التنمية الحقيقية. ولكن المقام هنا لو توقف فقط على ما يسمى المشروعات التجارية الصغيرة، التي تتزاحم في الشوارع والأحياء، لأصبح كافياً لقياس حجم الفوضى التي تنتاب سياساتنا السكانية، ودرجة الترهل التي تصيب الأنظمة والقوانين التي لايزال الجديد منها يراوح في إطار الواقع غير قادر على التحرر منه والتحول إلى موقع التغيير الحقيقي. وإذا كان 640 ألف تصريح عمل قد صدرت في الربع الأول من العام الجاري فإن واقع الحال يؤكد أن كل ما يقال لايزال صراخاً في وادٍ لا صدى يوصل.