أسئلة حوار حائر

سالم حميد

انعقد في دبي، في الفترة من 15 إلى 16 ديسمبر الجاري، مؤتمر وحوار ثقافي إعلامي عربي ألماني، بتنظيم من معهد العلاقات الخارجية التابع لوزارة الخارجية الألمانية، شارك فيه عدد كبير من المثقفين والإعلاميين العرب والألمان، بينما لم يشارك فيه محلياً كمتحدثين رئيسين سوى كاتب هذا المقال والأستاذ الأديب حارب الظاهري، رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات فرع أبوظبي.

كوّن محل انعقاد المؤتمر في دبي، أراد المنظمون تسليط الضوء على دولة الإمارات كحالة خاصة مثيرة، فالبلاد تمر حالياً بمرحلة تحول اقتصادي وتقني ومجتمعي فريد من نوعه، حيث إن عملية التحول تتم في مجتمع يعاني من خلل في التركيبة السكانية بسبب تزايد اعداد المقيمين فيه بطريقة غير مألوفة عالمياً، ما أدى إلى تأثر البلاد بمؤثرات ثقافية متعددة. ما أحزنني في المؤتمر أن المشاركين العرب الزائرين لدولة الإمارات، وبعضهم يزور البلاد للمرة الأولى، تحاملوا كثيراً على دولة الإمارات ودبي تحديداً، أكثر من تحامل الألمان الذين فضلوا دراسة الحالة بطريقة أكثر احترافية، مع طرح الإيجابيات والسلبيات خلال المناقشات، وعلى الرغم من اقتناعي الشخصي بالكثير من آراء الزوار المنطقية، إلا أنني آثرت مناقضة نفسي والدفاع بشراسة مصطنعة عن تجربة بلادي من جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لأن مشكلاتنا الداخلية يجب أن نحلها بأنفسنا ويجب ألا يشاركنا الآخرون فيها، وكاتب المقال الإماراتي الغيور، عندما ينتقد أي خلل في بلاده وفي جريدة محلية إماراتية، فإن انتقاده يأتي من منطلق ومنظور الغيرة والمحبة لبلاده وليس الشماتة التي يترصدها بعض وسائل الإعلام العربية والعالمية للنيل من دولة الإمارات. أسئلة حائرة طرحت نفسها خلال الحوار أتت من زوايا مختلفة منها: هل تكفي البنية التحتية المستقبلية في مدينة دبي لتتحمل كل هذه العالمية على أرضها؟ ألا تخشون من الجريمة الدخيلة عليكم، عندما تتركون باب بلادكم مفتوحاً على مصراعيه لكل من هب ودب؟ عندما تقومون بإقامة مشروعات إسكانية خيالية، لتسكين الأجانب الآتين إلى بلادكم مع إعطائهم إقامات دائمة وتسهيلات مالية من بنوككم المحلية، يعني أموالاً من الداخل وليس الخارج، ألا ينبغي أن تنفقوا على هؤلاء الآتين إليكم، وتوفروا لهم خدمات صحية وتعليمية وأمنية مع القدرة على إطعامهم؟! عندما تقومون بتنفيذ مشروعات متكررة، أليس من المفروض أن تراعوا المستلزمات والخدمات التي ينبغي توفيرها! فعندما تبني ناطحات سحاب خيالية يجب أن تكون لديك القدرة على احتواء أية أزمة قد تحدث كالحرائق والزلازل؟! خير مثال، حادثة برجي التجارة العالمية في نيويورك في 11 من سبتمبر ،2001 كانت أكبر من إمكانات دائرة الإطفاء في نيويورك، فقامت الأخيرة بالاستعانة بدوائر الإطفاء في بقية المدن الأخرى القريبة من نيويورك. وأخيراً، هل الأيقونات الثقافية الواردة في بلادكم هي الحل الأمثل لدعم الحركة الثقافية؟ لماذا لا تفتخرون بحضارتكم وتراثكم، بدلاً من شراء أيقونات الآخرين؟!

salemhumaid.blogspot.com

 

تويتر