من المجالس
إحلال اللغة الإنجليزية مكان العربية في تدريس مادتي الرياضيات والعلوم لطلاب المرحلة الإعدادية بحاجة إلى وقفة تقييم. ونخص طلاب المرحلة الإعدادية لأن حال طلاب المراحل التأسيسية مع هذه التجربة مختلفة، نظراً لأن المنهج يبدأ مع الطالب منذ بدايته الأولى في رحلته التعليمية، وبالتالي فإن التكيف يكون أسهل، باعتبار أن لا مكان للإحلال هنا، وإنما الولوج منذ البداية، وبالتالي لا تداعيات للتغيير، ولا خسائر أو ضحايا بين الطلاب بسبب التغيير. طلاب المرحلة الإعدادية قضوا ست سنوات وربما سبعاً يدرسون مادتي الرياضيات والعلوم باللغة العربية، وكثير من الطلاب يعانون ضعفاً، ربما يكون فطرياً، في مادة الرياضيات على وجه الخصوص.
وقد زاد التحول المفاجئ في لغة التعليم هذا العام العديد من الطلاب، بمن فيهم أصحاب المستويات المتوسطة، إحساساً بالضعف، وهو ما عبر عنه بعض معلمي المادة، بالضياع والتيه أثناء أوقات الحصص. وعلى ألسنة المعلمين تحكى قصص وروايات ومواقف عن معاناة شرائح من الطلاب، ومعاناة المعلمين معهم. هؤلاء الطلاب قطعوا شوطاً تعدى منتصف الطريق نحو إتمام التعليم المدرسي، وتعودوا على أن يتلقوا المعلومة باللغة العربية، بكل ما يعني ذلك من خصوصية في المفردات. وبعض هؤلاء الطلاب يعاني، في الأصل، ضعفاً في مادة اللغة الإنجليزية، أدى إحلالها مكان العربية إلى تأثر مستواهم الجيد وربما الممتاز في مادتي الرياضيات والعلوم. أحد الآباء اشتكى بالفعل من حدوث هذا التأثير في ابنه الطالب في المرحلة الإعدادية، الذي اعتاد أن تكون درجاته في مادة الرياضيات هي الأعلى من بين كل المواد، على عكس اللغة الإنجليزية التي كانت تمثل نقطة ضعف لديه.
ربما كان تطبيق التحول على تلاميذ المراحل التأسيسية أسهل، ليس على الطالب فقط وإنما على التجربة ذاتها، وبالتالي ترك من انتصف بهم الطريق ليواصلوا التعلم بوسيلة الاتصال السهل عليهم في تحصيل الدروس، حفاظاً على النتائج الإيجابية ورفع مستوياتها، ودرءاً لحالة الانقباض النفسي تجاه المدرسة والتعليم، التي تطارد الطالب كلما شعر بالعجز في التكيف مع واقعه المدرسي والإحساس بالضعف والفشل في تحقيق نتائج أفضل.