أقول لكم
سمعت مسؤولاً بأحد المنتخبات المشاركة في دورة الخليج يناشد لجنة العقوبات إسقاط العقوبة المقررة على أحد اللاعبين الذي يعترف بارتكابه مخالفة، وقال «هو أخطأ واستحق الإيقاف، ولكننا نعاني من الإصابات في الفريق، ولهذا نطالب بالسماح له باللعب في المباراة المقبلة». لا أخفي عليكم استغرابي من هذا المطلب، ولكنني عدت وبررته، بعد أن رأيت أهم وأقوى مجلس في العالم يطرح رأياً مشابهاً، وأقصد مجلس الأمن الدولي الذي فشل في مناقشة العدوان الإسرائيلي على غزة، بحسب الصلاحيات الممنوحة له من قبل العالم كله، وذلك نتيجة معارضة الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبا دائمة العضوية التي لا ترغب في قرار يدين العدوان، ولهذا أخذوا يساومون الوفد العربي الموجود في نيويورك على الاكتفاء ببيان رئاسي غير ملزم لإسرائيل، وحاولت أن أفهم ماذا تعني عبارة «غير ملزم» تلك، فلم أصل إلى نتيجة، ليس جهلاً أو لقلة اطلاع على المواثيق الدولية، ولكن لما تحمله العبارة من مفهوم مخالف للأعراف الجزائية منذ أن ظهرت الشرائع على وجه الأرض، وتخيلت «حمورابي» وقد اطلع على هذه «التخريجة» الدولية كيف ستكون نظرته لبشر القرن الواحد والعشرين بعد الميلاد، ومن بعده صاحب «المدينة الفاضلة» و«الجمهورية العادلة» وكل من وضعوا الكتب والمؤلفات في سيادة القانون وتفوق العنصر البشري على نفسه والتحضر والمدنية، ولم أفلح في فهم شيء، وعدت إلى القضاء في العالم كله، وتخيلت ماذا سيحدث للإنسان لو أن هذا المبدأ قد أخذ به في مواجهة الجرائم، ماذا سيحدث؟ أو كيف ستكون الصورة؟ فإذا بي أرى قاتلاً يقف في قفص الاتهام والقاضي يوبخه على فعلته الشنعاء، ويقول له «أنت أزهقت روحاً ويجب أن تنال الجزاء المناسب، ولهذا نرى أنك تستحق الإعدام، ولكننا، ونظراً لمكانتك ومساندة «قاضي اليمين» لك، وعدم حصولنا على الإجماع من هيئة المحكمة، قررنا أن يكون حكمنا (غير ملزم) لك». هكذا يخرج القاتل، وكذلك السارق والمرتشي، فكل الأحكام يمكن أن تكون غير ملزمة، وهذا لن يؤدي إلا إلى شيء واحد، وهو الفوضى وانهيار النظام القانوني الداخلي، تماماً كما سيؤدي مؤقف مجلس الأمن الحالي إلى انهيار النظام الدولي، عندما يفقد صاحب الحق ثقته بهذا النظام ويدير له ظهره.
ربنا إنك ملاذنا، وملاذ الأبرياء من عبادك، نسألك بحق هذه الجمعة المباركة من شهرك المحرم أن تحمي أطفال غزة