أقول لكم

محمد يوسف

يحدثنا البعض عن الواقعية، فنقول لهم ولم لا؟ فالواقعية تعني العقلانية في الغالب، وتعني الدقة في التعرف إلى الظروف المحيطة، وتعني التفكير السليم والحكم الأسلم. ونحن أكثر الناس واقعية في قضية غزة وما يحدث فيها ، فكل من رفض حرب الإبادة هو واقعي. وكل من دعا إلى عقد اجتماع عربي لإعلان موقف موحّد وواضح من قتل الأبرياء في غزة هو واقعي. وكل من ذهب إلى مجلس الأمن الدولي طالباً قراراً صريحاً موجهاً إلى إسرائيل لوقف عدوانها هو واقعي. وكل من حمل نفسه وسار في مسيرة منددة بالمجازر هو واقعي. وكل من توشّح بوشاح فلسطين في مناسبة عامة هو واقعي. وكل من فتح باب التبرّع لضحايا الهجمة الصهيوينة هو واقعي. وكل من أمر بإعادة بناء المساكن والمدارس والمساجد والمستشفيات في غزة هو واقعي. وكل من ذرف دمعة حزن ومواساة هو واقعي. وكل من قضى الليل قائماً وهو يدعو إلى نصرة الضعفاء هو واقعي. وكل من بعث برسالة تعاطف عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني وطلب إلى المستقبل أن ينشرها هو واقعي. وكل من سحب سفيراً أو أغلق مكتباً تجارياً لإسرائيل هو واقعي.

تلك الواقعية التي نعرفها ولا نعرف سواها؛ فالأبيض نقول إنه أبيض حتى نكون واقعيين، أما أن نقول إنه أخضر أو أزرق أو أسود، فهذا يعني أننا ننكر الحقيقة التي تعمي عين الشمس، والإنكار يعني الغش، ويعني المخادعة والافتراء والتدليس، ويعني عكس الواقع. وكل صاحب ضمير حيّ لا يمكن أن يجعل الحق باطلاً، والباطل حقاً، وهذه الأمة لا تحتاج إلى دروس من الذين يغيّرون جلدوهم، كما أنها لا تحتمل مزيداً من الإحباط من قبل تلامذة مدرسة الواقعية التخاذلية، فهؤلاء يهدفون إلى كسر ما تبقى من أمل وكرامة.

هذا هو الواقع أمامنا، فمن ينكر أن الصهاينة يرتكبون مذبحة في غزة؟ ومن ينكر أن الكيان المعتدي يستخدم القوة المفرطة في حربه؟ ومن ينكر أن هذة الحرب ترتكب جرائم بحق البشرية؟ ومن ينكر أن المنظمات الدولية رصدت استخداماً لأسلحة مخالفة للمواثيق الدولية؟ لا أحد؛ إذاً هذا يعني أننا واقعيون.

 

myousef_1@yahoo.com

تويتر