هل للحسد أسباب؟!
لا أدري بالضبط ما الذنب الذي اقترفته دبي حتى تصبح اليوم محط افتراءات وشائعات وانتقادات الكثيرين؟ صحيح أن الشجرة المثمرة هي التي تُرمى، وصحيح أن الذي يُرمى من الخلف هو في المقدمة، وبالتأكيد أن كثرة الحساد ما هي إلا علامة من علامات النجاح، إلا أنه من الغريب فعلاً أن نرى كبار المحللين والخبراء و«مدعي الخبرة» أيضاً لا شغل لهم إلا مهاجمة هذه المدينة، تاركين العالم بأسره، بدوله الكبرى كافة، ومدنه العريقة، التي تضررت واهتزت وتراجع اقتصادها بشكل أكبر بكثير مما حدث هنا، إلا أن التركيز على دبي وكأنها المدينة الوحيدة في العالم التي تضررت جراء الأزمة، بينما العالم بأسره في معزل بعيد عنها، أمر يثير الاستغراب!
افتتاحيات صحف عالمية كبرى، لم تكن تهتم بهذا الجزء من العالم أصبحت الآن تخصص للحديث عن سلبيات ومبالغات وشائعات لا يمكن كتابتها حتى في منتديات مبتدئة.. تسريح مليون ونصف المليون عامل وموظف في الولايات المتحدة أمر عادي جداً بسبب الأزمة المالية، وتسريح 400 موظف في شركة واحدة في دبي أصبح خبراً مهماً تتناقله جميع وكالات الأنباء، بكثير من التحليل والتربيطات التي لا ترابط بينها، وفجأة تخلط الأمور بسوء نية وبكثير من التشفي في الأسلوب واللغة!
طبعاً المسألة غير محصورة في وكالات أجنبية أو صحف غربية فقط، بل حتى «إخواننا» العرب والخليجيين، دخلوا في الخندق نفسه وبدأوا في نقل ونشر الأخبار السلبية عن دبي، على الرغم من أن «الحال» واحد في معظم مدن ودول المنطقة، ولربما الوضع أصعب بكثير في مدن أخرى، ولكن الرمي لا يكثر إلا على دبي!
بعض الصحف العربية نشرت خبراً يخلو من المهنية الصحافية، ولا يتضمن أي صدقية عن 3000 سيارة تركها أصحابها في مطار دبي، وهذا الخبر مصدره الوحيد بعض المنتديات الشهيرة بتلفيقاتها المبالغ فيها، إلا أن الصحف انساقت ونقلت الخبر من دون التأكد من أي مصدر رسمي، ليتضح بعدها أن عدد السيارات التي تُركت في مطار دبي لا يتجاوز 20 سيارة، ومع ذلك فإن البعض ترك لنفسه العنان للمبالغة بشكل أقرب للمرض النفسي، فأوصل عدد المغادرين إلى 480 ألفاً وربما مليونين خلال أشهر قليلة!
عموماً إذا كانت الأزمة ستسهم في مغادرة مليونين من العمالة الزائدة في الإمارات، فهذا بلا شك خبر جيد، إلا أن مرددي هذه الشائعات لا يقصدون خيراً بكل تأكيد، ولا تسألوني عن مقاصدهم، فالحسد والحقد لا يحتاجان إلى سبب، وإلا ما سبب حقد إخوة يوسف بالشكل الذي يجعلهم يرمونه في «غيابة الجب»!
«الطريق من دبي إلى الشارقة الذي كان يستغرق ساعتين تقريباً لعبوره، لم يستغرق عبوره في هذه الزيارة أكثر من 20 دقيقة! والفنادق لا تتجاوز نسبة إشغالها 30%، بل إنها تتسابق لتقديم عروض خاصة للإقامة، هدوء في حركة الطيران والمطار بشكل ملحوظ». هذه الفقرة ليست جزءاً من افتتاحية صحيفة أجنبية «حاقدة»، ولا وكالة أنباء تسعى لتكريس أجندة خاصة، بل هي فقرة من مقال لكاتب خليجي في دولة خليجية «شقيقة»، فهل للحسد والحقد سبب؟!