لوحاتنا الإرشادية

سالم حميد

أخبرني أحد الأصدقاء بأنه وبينما يقود سيارته ومعه ابنه البالغ من العمر 10 سنوات، لاحظ الابن اسم عاصمة عربية على إحدى لوحات الطرق الإرشادية بدبي، فسأل والده: «أبي، هل نحن في دبي أو في تلك المدينة العربية المذكورة في اللوحة الإرشادية؟»، أجاب الأب: «نحن في مدينتنا دبي، واسم تلك المدينة العربية إنما أُطلق على هذا الشارع فقط»، سأل الطفل أبيه مجدداً: «ولكن هل قامت تلك المدينة العربية بإطلاق اسم دبي على أحد شوارعها كي نقوم نحن بإطلاق اسمها على أحد شوارعنا؟!»، قال لي صديقي: «لم أعرف بماذا أجيب ابني»، قلت له: يبدو أن الأطفال على دراية أكبر من الكبار عن معنى مبدأ المعاملة بالمثل! ولا أعلم إن كانت الجهة المسؤولة عن طرق دبي وشوارعها تملك الحق في تسمية شوارعنا كيفما تشاء من دون الرجوع إلى السلطات، أو حتى على الأقل استشارة الجهات الثقافية الحكومية، والتي حتماً ستساعد في اقتراح مسميات ترمز إلى أصالة المدينة وتاريخها. وبخلاف أسماء المدن العربية التي تملأ شوارع دبي، خرجوا علينا بأسماء غريبة كشارع الرصاص والتجاري وميدان والحجر والحديقة! وعليه، نأمل من اللجنة التي تم تشكيلها أخيراً والمعنية بتحديد الشوارع المطلوب تسميتها في إمارة دبي واقتراح واختيار المسميات المناسبة التي تعكس الطابع التاريخي والحضاري للإمارة، أن تعيد النظر في تلك الأسماء المضحكة، والتعامل بالمثل مع أسماء شوارع المدن العربية.

اليوم ومع التطور المدني السريع ظهرت معالم نمو أخرى أخذت شكل مراكز التسوق والمنتجعات، وبرزت جوانب معينة، فبعضها عُرف بوجود المؤسسات التجارية فيها والبعض الآخر المدن الجامعية أو المراكز الصناعية أو المناطق الحرة وغيرها، هذا بالإضافة إلى التنوع السكاني المخيف، وهكذا لم يكن من السهل وسم المجتمع المحلي بسمة خاصة، والقطاع الخاص والمطورون العقاريون لم يأخذوا في الحسبان الصفة المحلية لإمارة دبي أثناء قيامهم بعمليات التطوير المادي واستحداثهم لتلك المناطق، بل إنهم يرفضون احترام الأصالة والخصوصية المحلية! وأطلقوا على مناطقهم مسميات باللغة الإنجليزية مثل: «مول الإمارات ومول دبي وإنترناشيونال سيتي وديسكفري جاردنز ودبي لاند وفيستيفال سيتي» وغيرها الكثير! وإذا افترضنا أن سياسة السوق المفتوحة المنُتهجة لدينا تسمح بذلك، فإن الجهة المسؤولة عن اللوحات الإرشادية من المفترض أن تعي وتدرك أن دبي مدينة إماراتية خليجية عربية، وألا تسمح بإطلاق تلك المسميات على لوحاتها، بل يتم تعريب مسميات تلك المناطق؛ لأن الأسماء الأصلية موجودة أساساً بالحروف الإنجليزية، ولا أعتقد أن هناك أي مصاعب ستواجهها الجهة المسؤولة إذا قامت باحترام الإماراتيين وعروبة مدينتهم، فمن السهل جداً أن تكتب على اللوحات الإرشادية مركز تسوّق دبي ومركز تسوق الإمارات والمدينة العالمية ومدينة المهرجان.. إلخ. أما القطاع الخاص فله أن يسمّي مناطقه كما يشاء لكن لا يفرض مسمياته على شوارعنا، فهي ليست ملكاً له. المضحك المبكي أن شعار الجهة المسؤولة يتكون من أحرف إنجليزية وخالٍ من أي حروف عربية!

  salemhumaid.blogspot.com  

تويتر