معيار جديد للاعتراف بالمنظمات الدولية..
تبدو المنظمات الدولية «غير الحكومية» أنها تحتاج اليوم إلى آلية جديدة للاعتراف بها، وإثبات وجودها، فلا تكفي الأمم المتحدة، ولا يكفي اعتراف الدول الأعضاء في هذه المنظمات، كما لا يكفي أن تكون هذه الدول شاملة جميع قارات العالم.المعيار الجديد لوجود المنظمات، هو وصول اسمها إلى أذن الكاتب داود الشريان، فالمنظمات التي يسمع عنها، هي فقط التي لها الحق في ممارسة نشاطها، أما المنظمات التي لم يسمع عنها الشريان، فلا حق لها في الظهور على الساحة الدولية؛ إذن وفق هذا المعيار الجديد ترى كم يبلغ عدد المنظمات الدولية «المعترف بها» في العالم؟
الشريان انتقد وبشدة، في مقال نشرته الزميلة «الحياة» قيام الاتحاد الدولي للصحافيين، بافتتاح مكتب إقليمي له في البحرين، وحسب رأيه الشخصي فإن البحرين مكان غير مناسب لمثل هذا المكتب، والمفروض أن يكون المكان الذي يدافع عن حرية الصحافة، هو الكويت أومصر أولبنان، طبعاً وجهة نظر شخصية بحتة لن نتناقش فيها، لأنها من اختصاص الاتحاد الدولي للصحافة، لكن أن يتندّر الكاتب على الاتحاد، من خلال التشكيك في أهميته، ووصفه بأنه غير معروف ولم يسمع عنه أحد، فإن المسألة تثير الضحك فعلاً، وتجعلنا نشك في اطلاع الكاتب وثقافته،والذي لم يكلف نفسه عناء السؤال عن هذا الاتحاد العريق الذي أُسس للمرة الأولى في عام ،1926 أي قبل ولادة الشريان بسنوات طويلة، وأعيد تشكيله عام ،1946 أي عندما لم يكن الشريان يفقه معنى الصحافة ولم ير صحيفة بعد. والاتحاد الدولي مستقر على شكله الحالي منذ عام 1952 إلى الآن، وهو المنظمة الرسمية التي تتحدث باسم الصحافيين ضمن الحركة النقابية العالمية، وفي الأمم المتحدة، ومع ذلك لم يسمع عنه الشريان، ولا أدري إن كان سمع بالأمم المتحدة أيضاً، أم أنه مازال يعتقد بوجود «عصبة الأمم»!
وليسمح لي الكاتب بتقديم هذه المعلومات البسيطة التي كان بإمكانه أن يحصل عليها بضغطة زر على «غوغل»، فالاتحاد الدولي هو أكبر منظمة عالمية للصحافيين، ويضم في عضويته حالياً أكثر من 600 ألف صحافي في 120 دولة حول العالم، 13 منها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، و31 من إفريقيا و34 من أوروبا، و17 من آسيا و16 من أميركا اللاتينية. والدول العربية الأعضاء هي الكويت والإمارات والبحرين والعراق والأردن والمغرب وتونس واليمن وفلسطين والسودان والصومال، وتجري حالياً إجراءات انضمام ست دول عربية أخرى..
الاتحاد الدولي للصحافيين أطلق مبادرة الصحافة الأخلاقية التي تعتمد في المقام الأول على تأكيد نشر الحقيقة بموضوعية وتجرّد، وإلزام الصحافيين بذلك بعيداً عن أي اعتبارات مصلحية أو انحياز، ويدعوهم إلى الصدقية والعمل بمهنية، لأن الكلمة أمانة، وما أسهل الجلوس خلف المكتب، والكتابة في كل شيء، وانتقاد كل شيء،من دون أدلة أو إقناع ومن دون الاعتماد على المعلومة الصحيحة.
هذا ما فعله الشريان، وما يحاول الاتحاد الدولي مكافحته، ربما من أجل ذلك لم يسمع داود عن الاتحاد الدولي للصحافيين إلى يومنا هذا!