دكتور «التحريض» والفايننشال تايمز!
صحيفة الـ«فايننشال تايمز» ذكرت أمس أن «تحرك وزارة العمل الإماراتية لحماية حقوق المواطنين بالقطاع الخاص كان خطوة في الاتجاه الصحيح».
في مقابل ذلك، وفي هذا الوقت تحديداً، ومع هذا الخبر الذي قلّ ما تنشره صحيفة أجنبية، فوجئت أمس «كغيري»، بصوت أحد المواطنين الذين تم الاستغناء عن خدماتهم أخيراً في القطاع الخاص، يروي على الهواء مباشرة، عبر برنامج البث المباشر، رواية غريبة، ولفظ «غريبة» ليس وصفاً شخصياً مني، بل كان الاستغراب هو محور اتصال الشخص نفسه.
هذا المواطن قرر مع بعض زملائه، رفع دعوى على الشركة التي أنهت خدماتهم «تعسفياً»، فذهبوا إلى محام «مواطن» شهير، ويسبق اسمه لقب «دكتور»، تحدثوا إليه حول إمكانية مقاضاة الشركة، إلا أن المفاجأة الكبيرة كانت بالنسبة إليهم عندما اشترط عليهم هذا المحامي الرجوع إلى البيت وأخذ عائلاتهم، وتنظيم «اعتصام»، شرطاً قبل أن يبدأ في تحريك الدعوى القضائية لمصلحتهم!
طبعاً ساورت الشكوك هؤلاء المواطنين، وقالوا له - وفق ما سمعنا في مكالمة الأمس-:«لماذا الاعتصام؟ الحكومة لم تضرنا بشيء، والضرر الذي لحق بنا من شركة خاصة، بل إن مشكلتنا في طور الحل النهائي، بعد أن تم تعييننا في دوائر «حكومية». لماذا الإصرار على الاعتصام، ونحن نعي تماماً أن الأمور لا تحل بمثل هذه التصرفات؟ أجابهم المحامي «المواطن»: حتى تكسبوا تأييداً من الرأي العام، مؤكداً لهم أنه لن يستطيع أحد «مسكم بسوء»! بالتأكيد لن «يمسهم أحد بسوء» حتى لو «اعتصموا»، لكنها كلمة حق أريد بها باطل، فليست حكومة الإمارات هي من تسعى للإضرار بمواطنيها.
منذ متى أصبحت «الاعتصامات» هي الأسلوب الأمثل لحل المشكلات؟ وهل تخلت الحكومة عن مواطنيها حتى تقابل بمثل هذا «التصعيد» غير المنطقي ولا المرغوب.
أسلوب «تحريض» واضح من قبل شخص يحمل لقب «مواطن» قبل أن يحمل لقب «دكتور»، هذا الشخص لا تهمه بالتأكيد مصلحة هؤلاء المواطنين الذين لجأوا إليه، ولا تهمه سمعة وصورة ومصلحة وطنه، لأنه يريد خلق «تشويه» لهذه الصورة، وبشكل متعمد مملوء بسوء النية.
محاولة واضحة لـ«التغرير» بالبسطاء الذين يحملون قضية «وطنية» مشروعة، ويحملون «حب الوطن» بشكل أكبر، وهذا ما دفعهم إلى الاعتراض على أسلوب المحامي وفكرته «الخبيثة»، ليس هذا فحسب بل حب الوطن هو الذي دفعهم إلى فضحه على الهواء. أي رأي عام هذا الذي يريد «الدكتور» إثارته؟ أين كان عندما تحمّل الإعلام «الوطني» مسؤولية هؤلاء المواطنين، وتم عرض مشكلتهم وإثارتها بالشكل اللائق؟ وأين كان عندما تجاوبت «الحكومة»، ممثلة في وزارة العمل، مع هذه القضية وبشكل سريع جداً، فأصدرت القرارات الوزارية المقيدة لإنهاء خدمات المواطنين في القطاع الخاص؟ ألم يسمع بعودة عدد كبير ممن أنهيت خدماتهم بعد تدخلات فورية من وزير العمل والمدير التنفيذي للوزارة؟ ألم يقرأ تسابق الدوائر المحلية إلى استيعاب كل من يتم فصله من القطاع الخاص؟ ألم يشاهد تفاعل شرطة دبي مع الموضوع بشكل حاسم، وإعلانها «مقاطعة» الشركات التي يثبت «تفنيشها» لأي مواطن من دون سبب؟
إذاً الهدف من «الاعتصام» المزعوم، ليس الرأي العام المحلي، فمن الواضح جداً أن المقصود هو الرأي العام العالمي الذي يتصيد الأخبار السلبية من أمثال هذا الدكتور«المواطن»، ومع ذلك وجدنا في الـ«فايننشال تايمز» ما يغيظ هذا الدكتور، ويقلب الطاولة على فكرته المسمومة!