عودة «بوشتلي»

سالم حميد

صعدتُ قبل سنوات عدة معبداً هرمياً في وسط المكسيك يعود لحضارة الآزتيك، وكان عبارة عن لوحة معمارية فنية رائعة تزخر بالرسوم الجدارية والكتابة التصويرية والزخرفة والفسيفساء والنقوش المزيّنة بالأحجار، لكن تلك الجماليات كانت تستر تاريخاً مخيفاً.

في أميركا القديمة وتحديداً قبائل الآزتيك، كان لها زعيم ساحر مجنون همجي يحظى بمنزلة الآلهة اسمه «بوشتلي»، وكانت له طقوس شنيعة تقوم على اختيار مجموعة كبيرة من القرابين البشرية يتم ادخالهم مع بعضهم في قتال مميت تسال فيه الدماء، ثم يتم فتح صدور الموتى واجتثاث القلوب منها لتقديمها للإله بوشتلي ليأكلها، حيث كان الغذاء الوحيد الذي يستطيبه بوشتلي هو القلوب الطازجة التي انتزعت للتو من صدور الأضاحي البشرية. لكن بوشتلي أبدى في ما بعد رغبة في أكل القلب من الأضحية وهي على قد الحياة وليس بعد الموت، فأنشأ ذلك المعبد الهرمي الذي ذكرتهُ مسبقاً حيث تمدد الأضحية وهي حية في أعلى الهرم بينما يمسك برأسها وأطرافها خمسة من الكهنة، ويقوم شخص آخر بفتح صدر الأضحية بسكين ثم يمد يده داخل الجرح وينتزع القلب ليقدمه إلى بوشتلي كي يأكله.

أطلت علينا الصحف المحلية الأسبوع الماضي بخبر تقشعرّ منه الأبدان وتشعرك بمدى الخطر الداهم الذي قد يتهدد الناس، حيث ذُكر خبر الجريمة البشعة التي راح ضحيتها رجل هندي قتله شاب باكستاني في مدينة العين بطريقة وحشية بواسطة تهشيم رأسه بصخرة وطعنه بمنجل ثم فتح صدره بيدين مجردتين واقتلع قلبه والتهمه. أ

هذا الوحش البشري تمت تبرئته من تهمة القتل العمد وأسقطت عنه عقوبة الإعدام لأنه يعاني من مرض انفصام الشخصية، ولا أعلم إن كان هذا المجرم يمارس السحر الأسود أو أن به تلبساً من الشياطين ويريد اشباع رغباتهم الشريرة بأكل قلب ضحيته، ففي كل الأحوال وسواء كان المجرم قد اختار طريق الشيطان عن كامل إرادته أو أنه قد ابتلي بعقله فصار مجنوناً لا فائدة من بقائه بل في ذلك ضرر عظيم، ويشكل خطراً على الآمنين. وقد جاءتنا أخبار فتاوى علماء السلف في قتل ثور هائج كان يشكل خطراً على حياة المسلمين فما بالكم بمن يمشي بين الناس كواحد منهم ولا يقيم أدنى وزن لحياة البشر بل ويتلذذ بالتمثيل بالجثة والتهام قلبها، وعلى أقل تقدير فهو لا يميز بين الصواب والخطأ!أ إن بقاء مثل هذه العينات من شياطين الإنس أو المجانين بالغي الخطورة على أرض بلدنا الآمن لا يتحقق منه سوى الضرر الأكبر على حياة الأبرياء وطمأنينة الناس. أ

لسنا مكلفين بإيواء المجانين من الأجانب في بلادنا، وبعد مرور هذه الحادثة مرور الكرام، أعتقد شخصياً أن كل من تسوّل له نفسه الخبيثة القتل سوف ينجو بفعلته بادعاء الجنون، وسينقلب حالنا من أمان إلى خوف وإلى عدم ثقة في العيون الساهرة على حمايتنا.

 

salemhumaid.blogspot.com

تويتر