أضلاع مثلث «الهجوم»!!

سامي الريامي

علمتنا الشدائد، عبر التاريخ، أن نخرج بعدها أكثر قوة ومتانة، هذا ما لا يعرفه كثير من الشامتين، الذين يكثر ظهورهم أثناء كل أزمة، لكنهم سرعان ما يتوارون ويختفون، متأثرين بالنجاحات غير المتوقعة التي تحققها دبي مستفيدة من الأزمات والشدائد.

أجدادنا تجاوزوا أزمة «اللولو الصناعي» الذي قضى على أهم مورد اقتصادي للبلد في تلك الفترة، فأصبحوا بعدها أكثر قوة، وتحولوا إلى أهم مركز تجاري لنقل البضائع بين الشرق والغرب، وبين آسيا وإفريقيا، ووصلوا بسفنهم وتجارتهم إلى أقاصي الأرض..

تجاوز اقتصادنا في الإمارات جميع الأزمات التي مرت على هذه المنطقة غير المستقرة، تجاوزنا الحروب والكوارث والتهديدات، وجميع محاولات الضغط والنيل من تطور الدولة وحركة النمو المتسارعة التي تشهدها، هذه التجارب المملوءة بالمحن والشدائد، جعلت الإمارات أكثر نضجاً من غيرها في كيفية التعامل والتكيف مع الأزمات، واجتيازها بأفضل الطرق الممكنة.

ما يحدث اليوم من هجمة إعلامية شرسة على دبي ليست بالشيء الغريب أبداً، فهي حملة طبيعية واضحة الأطراف والمعالم، تتساوى فيها أضلاع مثلث «مسموم»، لأطراف اختلفت أشكالها وألوانها وعروقها، لكنها اتفقت على هدف واحد، وهو ضرب اقتصاد هذه الإمارة الناشئة، ولكل منهم أسبابه!!

أول أضلاع المثلث هو دول غربية، لم تخفِ تألمها من أي تطور يطرأ على هذا الجزء من العالم، فهي لا تقبل نمواً بهذا الشكل المهدد لمصالحها، ويصل إلى حد منافستها في أخذ حصص وأجزاء من «الغنيمة» العالمية، هذه الغنيمة يجب أن تكون خالصة كاملة لدول العالم «الأول»، دون الآخرين من العالم «الثالث»، الذين يجب ألا يتجاوزوا دورهم «العالمي»، كمستوردين ومستهلكين ودافعي أموال.. فقط لا غير!!

أما الضلع الثاني للحملة، فمنبعه إسرائيل التي تمتلئ غيظاً وحسداً من تنامي الاقتصاد الإماراتي بشكل سريع ودائم، إنها ليست نظرية المؤامرة، ولا هي الشماعة «العربية» المتكررة، بل هي حقائق ومعلومات عن مصادر الحرب الإعلامية التي تشن على دبي والإمارات بشكل عام، حيث تشم منها الرائحة اليهودية المسيطرة على الإعلام الأميركي بشكل خاص، والعالمي بشكل أكثر شمولية، أليس من الغريب حقاً أن يصبح الاستغناء عن 30 أو 40 موظفاً في شركة من شركات دبي خبراً رئيساً في الصفحة الأولى لصحف أميركية، وقنوات إخبارية واسعة الانتشار، في حين أن نصف الشعب الأميركي لا يعرفون أين تقع دبي!!

والكارثة الكبرى تكمن في الضلع الثالث المهاجم، فهم ليسوا أعداءً، كما أنهم ليسوا يهوداً، بل هم إخوان وأشقاء من محيطنا العربي، وجدوا الفرصة سانحة لكبح جماح هذا الحجم الهائل من التطور الذي يعيشه أهل هذه المنطقة القريبة منهم جغرافياً، لكنها بعيدة عنهم في نهج ونسب النمو لمسافة نصف قرن من السنين..

هذا الفرق الشاسع يخلق ضغطاً داخلياً غير مرغوب، ويثير الأسئلة والمقارنات التي لا تملك لها تلك الحكومات أية أجوبة، وبالتالي فشل تجربة دبي هو نجاح داخلي لفشل كثير من الدول العربية.

الإمارات لم تمنع أحداً من التقدم والتطور، ودبي لم تجبر أحداً على محاكاتها والسير على خطاها، خلقنا أنموذجاً لم تعرفه دول المنطقة، ومستعدون للتكيف مع الأزمة الحالية، كما تكيفنا من قبل مع جميع الأزمات، سنتجاوز الصعاب بالتلاحم والترابط ومراجعة التاريخ والجغرافيا، وستبقى الإمارات واحة سلام، ومفخرة للعرب، ومثالاً لتسخير المال من أجل مستقبل الشعب.

 

reyami@emaratalyoum.com

تويتر