أقول لكم
اختلفنا منذ زمن بعيد في تسمية السجون، البعض أطلق عليها ما يحببها إلى المجتمع، ولا نقول إلى السجناء، فهي «مؤسسات إصلاحية» تارة، وتارة أخرى تتحول إلى «مؤسسات عقابية»، والبعض كتب على أبوابها «السجن إصلاح وتهذيب»، ومع الأسماء تطورت أساليب التعامل داخل تلك الحصون المنيعة، حتى باتت بدعة «الخلوة الشرعية» تطبق فيها، بخلاف الزيارات المنتظمة وتوفير الاحتياجات من قبل أفراد أسرة السجين، ومن «الكانتين»، وتحولت السجون إلى أماكن «تدليل»، فالمدخن يحصل على السجائر، والمتعلم تصله كتبه أولاً بأول، والمريض يتوافر دواؤه، وصاحب الحرفة يجد ورشة كاملة التجهيز، ولم أسأل عن الرياضي، ولكنني أعتقد بأنه قد يجد صالة ألعاب ليحافظ على عضلاته، فالهدف كما يُقال أصبح يتركز حول تحويل فترة السجن إلى مرحلة تأهيل، ولكن دعونا نقف قليلاً، هناك عند خبر وفاة أحد السجناء لتعاطيه المخدرات، فهذه ليست المرة الأولى، وإذا كنا سنضع التبريرات لن تكون الأخيرة، وإذا كان من يقبع في حماية قُوى الأمن لا يمكن أن يسلم من الانزلاق في هاوية الممنوعات، فماذا نقول عن الذين يجوبون الشوارع؟
سنوافق الرأي القائل إن المخدرات لا تدخل إلى السجون عبر الفساد في الأسلوب والذمة لدى أي شخص يعمل في تلك المؤسسات الإصلاحية، وسنبصم بالعشرة بأن كل من يعمل هناك نزيه وسوي ويحكمه ضميره الحي، وسنقف عند اتهام الزائرين الذين قد يهربون المخدرات والممنوعات بإخفائها في أماكن حساسة لا يجرؤ أحد على تفتيشها حفاظاً على الحياء العام، أو كما قيل منعاً لخدش الحياء العام، وسنصفق لهذا الاحترام والتقدير، ولكن أقولها مرة أخرى، التبريرات لا يمكن أن تخفي الحقيقة، والحقيقة واضحة، وهي أن هناك اختراقاً للسجون، ومن يدخل مخدرات سيدخل أي شيء آخر، ولدى الشرطة من الوسائل ما لا يُعد ولا يُحصى للسيطرة على الداخل إلى السجن من مواد وأدوات، وإذا توقفنا عند المخدرات فالكلاب البوليسية حلّت هذه المعضلة منذ زمن بعيد، والعارف لا يُعرف، ولكننا نذكر أصحاب الاختصاص، أم سيظهر علينا من يقول إن في «نجاسة الكلب» مبرراً وحجة؟!!