من المجالس

عادل محمد الراشد

كلما حدثتني نفسي أو دفعني طارئ إلى السفر أوهمتني أفكاري وتوقعاتي، وربما أمنياتي، بأن أجد نفراً من شباب وبنات الوطن وقد أخذوا مواقعهم خلف مكاتب تخليص المسافرين. ولكن في كل مرة تتبخر الأفكار وتخيب التوقعات، ويبقى وجود المواطن على رأس وظيفة بسيطة مثل هذه مجرد أمنية تصر إدارات مطاراتنا على أن تكون مستعصية على التحقيق، وعصية على المواطن.

في مطار أبوظبي، مثلاً، تظهر خلف «الكاونتر» وجوه جديدة، ولكنها ليست محلية، بل ليست عربية، وتغيب وجوه كانت متنوعة من دول القارة الآسيوية وبعض الدول العربية، لتصبح السمة الغالبة لهذه الوجوه من الفلبين، مع قليل من الوجوه العربية، بينما لا مكان للسحنة المحلية في ذلك المكان. تساءلت: ربما الكفاءة في الأداء هي السبب، فوجدت خلال التطبيق، وفي مرات عدة مع أشخاص عديدين من هؤلاء، أن المهارة محدودة، وإن لم تكن أقل مما هي عند الآخرين فإنها بالتأكيد ليست بأفضل، لأن إنجاز المعاملة يستغرق أكثر مما تعودناه، على الرغم من تقدم الوسائل. فعاودت السؤال: أين الخصوصية البالغة التي تتطلب مهارة خاصة لا يمتلكها شبابنا وبناتنا الذين يصولون ويجولون في معارض التوظيف ومجالس التوطين بحثاً عن الوظيفة، وأكثرهم بلا شروط مسبقة؟ ثم أردفت: إذا لم يكن الأمر خاصاً بالكفاءة، المتهم بها المواطن في دوائر التوظيف والقائمين عليها، فهل تكون التكلفة هي السبب؟ فيرد عليّ أحد المخضرمين في قطاع الطيران: ومن قال لك بأن هؤلاء غير مكلفين؟ فبالإضافة إلى الأجور المجزية يحصل هؤلاء على السكن وميّزات أخرى يمكن توفيرها مع المواطن وكذلك العربي.

عدت فقلت: وإن كانت تكلفة المواطن أعلى، أليس من حقه الحصول على وظيفة يشغلها غيره؟ وأليس من أولويات عرض صورة الدولة وجود أبنائها وبناتها على بوابتها؟ إدارات المطارات بالدولة مصرة على موقفها بتجاهل الإجابة عن هذه التساؤلات، وهي تصر على مواصلة سياسة إبعاد المواطن عن هذه المواقع، دون أن تضطر لتقديم الحجج، بينما نجد حولنا دولاً عربية خليجية أخرى حسمت هذا الأمر مبكراً، فأصبحت مطاراتها تتكلم بلسان أهلها، وتقدم للزائرين والعابرين صوراً حقيقية لملامحها.

Adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر