مواقع محجوبة
في مجلس أحد الأصدقاء بمنزله الجديد في إحدى المناطق السكنية الحديثة، شاهدته يستخدم عبر كمبيوتره المحمول أحد مواقع الدردشة المرئية الإلكترونية بالصوت والصورة، قلت له إن هذا الموقع محجوب عندي ولا استطيع فتحه في منزلي فكيف استطعت أنت فتحه؟ فقال إن منطقته السكنية تُزوّد بخدمة الإنترنت عن طريق شركة أخرى للاتصالات تختلف عن الشركة الاعتيادية التي عودتنا على حجبها التعسفي للمواقع الإلكترونية من دون سبب واضح! حينها شعرت بالأسف والحزن والأسى، كون منطقتي السكنية تتحكم بها تلك الشركة الحاجبة للمواقع! حيث كنت في السابق أدخل إلى بعض المواقع الفكرية المحجوبة عن طريق «النسخة المخبأة» في موقع «غوغل» الإلكتروني، ولكن تلك الشركة (ما شاء الله عليها) انتبهت لذلك المدخل الذي ليس بالضرورة أن مستخدمه يرغب في دخول مواقع إباحية لا نعترض على حجبها، فحرمتنا حتى من ذلك المتنفس الضيق! وأوجه هنا سؤالاً إلى تلك الشركة : لماذا لا تريحون أنفسكم ومجهودكم الإنساني في خدمة المجتمع بمنع الإنترنت نهائياً وقصر استخدامه على إرسال «الإيميلات» فقط؟! فهذا الحجب يعمل بكل إخلاص على وضع ضوابط قانونية لتحييد مساحة حرية الرأي العام! وعليه اقترح حجب جميع مواقع التعارف الإلكتروني لأنها نوع من الثرثرة المسلية، قد تدخل في الخصوصية، وجميع المنتديات الإلكترونية، وجميع المدونات الشخصية، وذلك لمنع حرية التعبير، وجميع المواقع الطبية للابتعاد عن الشبهات المحرمة، وجميع المواقع ذات الاتجاهات الفكرية والفلسفية نظراً لما يشكله هذا الفكر من خطر، فهو الذي ألهم الحضارة الغربية ومكنها من التجدد المستمر والتقدم الدائم، أما نحن فيجب أن نبقى ندور في خنادق التخلف الغائرة! وحجب موقع بعينه لإرضاء بعض الناس، وحجب جميع مواقع الدراسات الاجتماعية والتاريخية والإنسانية والسياسية والاقتصادية والرياضية والتجارية والتعليمية والعلمية والأدبية والهندسية والثقافية والفنية والإخبارية والخدمية والترفيهية والدينية، وجميع المواقع الأجنبية، وجميع مواقع محركات البحث- أووف تعبت - وأخيراً أية مواقع نسيت ذكرها! ماذا تبقى؟! آآه.. سؤال أخير إلى الشركة: ما هي معايير عملية الحجب لديكم؟ طلب مني صديقي أن نأخذ رأي العجوز إسماعيل الهولندي في هذا الأمر عن طريق موقع الدردشة المرئية، فاتصلت به ثم التقينا في الموقع وقبل أن يستهل إسماعيل حديثه تقرفص في جلسته وأمسك بمسبحة يسبّح بها وأطلق بعض الحمحمة ثم قال: الحمد لله الذي علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم، والحمد لله الذي علم القرآن وخلق الإنسان وعلمه البيان، وأصبح الناس شعوباً وقبائل، وصار لكل أمة تقاليد وعادات، وأصقاع يقطنونها ولهجة يتعارفون بها ولغات، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قبل أن يكمل إسماعيل قاطعته قائلاً: «عفواً إسماعيل، أنا لم أطلب منك أن تلقي على مسامعنا خطبة الجمعة!»، ردّ إسماعيل بغضب: «اسكت يا ولد، فخطبة الجمعة أخيّر منك أيها المتعلمن». نكمل الأسبوع المقبل.
salemumaid.blogspot.com