القِ السواكَ من بين شفتيها.. لو سمحت!

أحلى علاقات الوجود زوجان متفاهمان، يعرفان معنى الحب ويدركان أن اختلاف وجهات النظر مع الاحترام المتبادل يزيد الحب تألقاً، وأن الحوار بين متحابين عاقلين لا يدفع أحدهما إلى تهديد الآخر بأي شيء إذا لم يوافقه،فهل لو اختلف صديقان متفاهمان يهدد أحدهما الآخر بالطلاق؟ أو يهدده الثاني بالمقاطعة وترك المكان؟ ليس المطلوب أن يكون الزوجانأ نسخة واحدة فيأ الطباع، فإن ذلك مملٌ يفقد العلاقة متعة التجاذب والمحاورة والتكامل.

فالزوجة لها مكانة تختلف عن مكانة الأخت والأم وزميلة العمل، مكانة ليست لغيرها، فهي السكن والحنان والمودة والألفة والراحة والبيت والجسد الوحيد الذي يحتوي الزوج معنىً ومبنى.

لكن الله جعل له القوامة عليها صيانة لها، ولا سلطة دون مسؤولية. وهذا ما تعارفنا عليه نحن، قبل أن يفرضه الله، ألسنا في كل شركة لابد من تحديد المسؤول وإلا ضاعت الشركة، والسلطة والمسؤولية صفحتان لورقة، والله هو الذي جعل الزوج سلطان الأسرة وعليه تبعات السلطنة. وربان السفينة لا يُعارَض ولا يُستفَز، خصوصاً عند ارتفاع الموج! أفلا وسيلة للراحة غير التفاهم،وأن يؤدي كل طرف واجباته قبل أن يطالب بحقوقه، عندئذ يتفانى كل طرف في استيعاب الآخر فتصفوا النفوس وتأتلف الأرواح فيأتي تعانق الأجسادأ معنىً أسمى من مجرد رغبات حسية. بل هي عواطف تجعل الجسدين يذوبان معاً في علاقة شاعرية ومتعة روحية تغسل هموم الحياة، وينتظر الزوجان بشوق، طوال عناء النهار، وقت الخلود معاً للنوم متلاصقين، حيث الراحة في واحة الحب الصادق والحنان المتبادل. ألكن ما الذي يحرمهما هذه اللذة ويعكر الصفو؟ شياطين الإنس والجن. وما العلاج؟ أولاً بالأذكار النبوية لطرد الشيطان والعين، وثانياً بتحمّل كل طرف مسؤوليةأ إخراج الآخر من أي موقف يعكر صفو العلاقة، فالزوجة العاقلة لا تبيت ليلة أبداً من دون رضا زوجها، لا خوفاً من لعنة الله- التي يستخدمها الزوج المقصر سلاح تهديد عند العجز عن حل مشكلته- وإنما راحة لها وحباً في زوجها وخوفاً عليهما، والزوج الفنان لا يترك زوجته أبداً يفترسها الغضب أو الإحباط أو يأخذها الشيطان منه. قالت فاطمة الزهراء لأبيها يوماً إن زوجها أخذ على خاطره منها فظلت تحاول إرضاءه تقول: حتىأ كأني عرضت نفسي عليه سبعين مرة حتى رضي، فتبسم صلى الله عليه وسلم مردداً: ورضي؟ قالت: نعم فقال: لو لم تفعليأ ومتِ من ليلتك ما صليت عليك. فعادت وطمأنت أباها بأن زوجها أسبق منها في عدم إهمالها حين تغضب فقالت: تدللت عليه يوماً ولم أكلمه، وتشاغلت بوضع السواك في فمي حتى لا أجيبه في محاولات التكلم معي، فخاطب هو عود الأراك (السواك) قائلا:
قد فزت ياعودأ الأراك بثغرها ما خفت مني يا أراك أراكَ
لو كنتَ أهلا للقتال قتلتك ما نال مني يا سواك سواك
فأضحكني وسقط عود السواك من فميأ وتصالحنا.

مستشار التربوي لبرنامج "وطني "

mustafa@watani.ae

تويتر