أقول لكم
نحمد الله أننا لا نجيز حمل السلاح أو بيعه في المحلات العامة، ونحمده أكثر لأننا مازلنا نحتفظ بمقومات ديننا، ونخاف من إزهاق أرواح الآخرين، ونخشى من النار لو أزهقنا أرواحنا انتحاراً.
رددت ذلك في داخلي، عندما شاهدت حادث المدرسة الألمانية، فهذا ولد في السابعة عشرة من عمره، يفقد إنسانيته في لحظة غضب أو يأس، ويقرر أن يضع حداً لحياته، بعد أن يقتل أكبر عدد من زملائه ومدرسيه في مدرسته التي كان يدرس فيها، ويحكم على 15 نفساً بالموت؛ هكذا بكل بساطة، لأنه متضايق ويملك سلاحاً قاتلاً لم يتردد في تنفيذ فكرة راودته، أن يرتكب مجزرة، من دون أدنى تفكير في حجم المأساة التي سيسبّبها لأسرته أولاً، وللأسر التي ينتمى إليها ضحاياه ثانياً، ومن بعدهم لزملائه الطلاب في المدرسة نفسها؛ أولئك الذين روّعهم وجعل المستقبل مرتبطاً في نفوسهم بالموت داخل صفوف الدراسة. فهل مرد ذلك ضعف الإيمان، أم هو نتاج ثقافة تقوم على إيجاد الحلول السريعة والمميتة لمعضلات الحياة، أم هو التقليد الأعمى لما تبشر به أفلام هوليوود؟
لا نعرف الإجابة، فهذا الضباب الذي يغشى عيون شباب الغرب ليس موجوداً لدينا، ربما لقناعة رسختها شريعة سمحاء ندين بها، وربما لأننا لم نفتح الأبواب للأسلحة ووسائل الدمار كما يحدث هناك. ولكن صدمة أخرى توقف التساؤلات، فهذا شاب آخر في أميركا يقتل عشرة أشخاص من أفراد أسرته، ومعهم زوجة قائد الشرطة وابنته، ولم أستطع أن أحفظ القرابة بينه وبين الضحايا جيداً، ولكن كان هناك والدته وعمه وعمته وأبناؤهم ومجموعة قد تكون في حفل عائلي، ولكن ذلك الشاب كان يشعر ببعض الملل أو الضيق أو الاكتئاب، فاتخذ قراراً بإنهاء الحفل، ولا مانع حسب مجريات الأمور، أن تكون النهاية فوق برك من الدماء، ولن نكذب أنفسنا لو سمعنا بعد فترة أن ذلك الشاب الألماني أو هذا الأميركي، قد أُطلقا النارلإصابتهما بمرض نفسي، أو وقوعهما تحت تأثير ظروف قهرية وقت ارتكاب الجريمة، وقد يقال بإصابتهما بالجنون المؤقت، وهذه مصيبة أهل العلم والتقدم، فقد أوجدوا المبررات حتى للمذابح، كفانا الله شرورها!