ما يحدث غريب جداً!

نسمع عن انخفاض أسعار السلع، ولا نلمس في الواقع شيئاً، ونقرأ الكثير عن انخفاض أسعار السيارات في أوروبا وأميركا، وتراجع صادرات مصانع اليابان بسبب انخفاض الطلب العالمي، ونسمع عن أسماء شركات لامعة في عالم السيارات كانت ميزانياتها تعادل ميزانيات دول في يوم ما، هي الآن مهددة بالإفلاس، وتمرّ بأصعب مراحل حياتها، إلا في الإمارات فمازالت أسعار تلك السيارات كما كانت، وكأننا لا علاقة لنا بما يحدث هناك.

سيارات أميركا «اشتر واحدة واحصل على الثانية مجاناً»، وفي الإمارات يبلغ سعر الواحدة منها الضعف من دون مبالغة، ولعل هذا هو السر، فما تخسره مصانع السيارات في أميركا واليابان تعوضه عن طريق وكلائها في الإمارات..لم لا؟ كل شيء جائز!

هل يعقل مثلاً وفي عز أيام الأزمة الاقتصادية العالمية، وانكماش الاقتصاد وقلة الطلب بشكل لم يشهده العالم من قبل، أن تطرح إحدى وكالات السيارات «الألمانية» سيارتها الجديدة بسعر 490 ألف درهم؟! لا أعتقد أن تلك الشركة هي التي حددت هذا المبلغ، لأنها تبيعها في بلد المنشأ بقيمة تقل بنحو 200 ألف درهم، مع أنها في دولة مملوءة بالضرائب التي لا يعرفها الوكيل المحلي.

من الواضح جداً أن المطلوب منا في الدولة، وربما في دول الخليج أيضاً، أن نعمل على رفع الاقتصاد العالمي المتباطئ، وأن نضخ الأموال في الشركات الكبرى المهددة بالإفلاس، وأن نسهم في زيادة مبيعات الشركات المتعثرة. ومن الواضح جداً أن هناك استغلالاً واضحاً ومقصوداً من قبل وكلاء السيارات الذين يحاولون عزل السوق المحلية عن العالمية، ويتعاملون مع الداخل بنسق وأسلوب مختلفين، بل معاكسين للحقيقة العالمية.

ألا يكفي ذلك اللغز المحيّر المتعلق بالنفط؟ تلك المعادلة غير المتوازنة، والقائمة على أساس ارتفاع أسعار البنزين في السوق المحلية، عند ارتفاع أسعار النفط العالمية، وبقائها مرتفعة حتى مع انخفاض الأسعار العالمية أكثر من النصف؟

أين هم اليوم من كانوا يتباكون على الخسارة والتلويح بالإفلاس، بسبب تجاوز أسعار النفط 100 دولار، لم نقرأ تصريحاً واحداً من أي مسؤول في شركة توزيع محلية منذ بداية الأزمة، والصمت هو الأسلوب الوحيد لإلهاء الناس عن أسعار النفط المتراجعة بشكل كبير.

ما يحدث في الأسواق شيء غريب، وبقاء الحال على ما هي عليه من ارتفاعات، وتجاهل ما يحدث في العالم غير مفيدين للجميع، ولعل نتائجه ستكون سلبية جداً على الأفراد والتجار، واقتصاد الدولة عموماً الذي يعتمد بنسبة لا تقل عن 30٪ على حركة قطاع التجزئة، القائم على معاملات البيع والشراء. وبقاء الأسعار مرتفعة لن يشجّع إطلاقاً على تنمية هذا القطاع وتطويره.

reyami@emaratalyoum.com

الأكثر مشاركة