«بريتش»
انتشرت في الأسابيع الماضية عبر أثير الإنترنت عشرات الصور لشخصية طارئة على الثقافة المشوهة لجيل فاقد الهوية تحمل اسم نجمها الأوحد «بريتش» الذي لا تذكر قسماته الجميلة الا بالنعجة «دوللي» التي كانت نتاجاً لعشرات عمليات الاستنساخ إلا أن الفارق الوحيد أن عمليات استنساخ «دوللي» كانت ناجحة! الصور التي يتبادلها ابناؤنا رغبة في النظر الى كل ما هو غريب، خصوصاً عندما يمثل الممثل الطارئ مجهول النسب الثقافي دور الأصيل الذي يرتدي العصمة والكندورة العمانية، أو دور المؤمن وهو يقرأ القرآن «مرتدياً الحجاب» بالطبع في صور ضبابية تختلط فيها الذكورة بالأنوثة، والمحلية مع العالمية، وكل الانعكاسات والتناقضات القذرة التي نعيشها تجعلنا أمام آلاف الأسئلة مع الدوائر التي وعدت بالقضاء على ظاهرة المتشبهين من الرجال بالنساء.
فهل اكتفت تلك الدوائر بطردهم من المولات ومراكز التسوق لتضطرهم لإفشاء عبثهم عبر اثير الانترنت، وهو اكثر واسرع انتشاراً بعشرات المرات من وجودهم في مراكز التسوق، وهل بلغ صلف هؤلاء وتحديهم للمجتمع بأن يقوموا بنشر نسخة «فيرجن» من نشاطاتهم الاجتماعية بشكل دوري شبه شهري، والتصريح على الملأ بعدم خوفهم من عائلاتهم لأنهم عملوا لهم «سحراً»؟ أم أن العقوبات في هذا الشأن تختص بالمنتمين للوسط الرياضي فقط ؟
هل كانت المشاهد التي تملؤنا فخراً وعزاً وكبرياء لأبناء غزة الذين لم يبلغ الواحد منهم أعوامه العشرة الأولى ويقرأ العملية السياسية على الأرض بطريقة أفضل بكثير من قراءة نصف مثقفي هذه الأمة الثكلى بمثقفيها وشهدائها ، هل كانت نتيجة لما تعرضوا له من القهر والحرمان والتجويع؟ أو بكلمات أخرى هل الترف لا يصنع رجالاً؟
لماذا تقترن ظاهرة «بريتش» وأمثاله دائماً بالدعة والرخاء والأبراج العاجية؟ إلا أنه من الواضح أن الترف له دور وإلا لما أمر نبينا عليه افضل الصلاة والسلام بـ«اخشوشنوا» ولما كان المترفون سبب هلاك القرى، ولكن الترف ليس السبب الوحيد بل تربية الأبناء واستفزاز رجولتهم في مراحل التربية الأولى، وعدم اهتمام رب الأسرة بالمال واعتباره نفسه أنه أب صالح لمجرد أن يهيئ لأبنائه ما يكفي من مال.
* * *
ينتقد الكثيرون الاهتمام الذي ظهر أخيراً بالمسابقات الشعرية والخيول والتراث وغيرها ، إلا أنه لا بد من الإشارة ان هذه الأنشطة تقوم بدورها في احياء معاني الرجولة في الشباب والمشاركين، فلا يستقيم وزن الشعر الا بالتغني بالأخلاق، ولا عود الفتى الا بركوبه الخيل، وإشباع رغبة المغامرة بركوب الأمواج في الخليج افضل ألف مرة من اشباعها بركوب امواج النت.
ولا أعتقد أن «بريتش» قادر على الصمود لدقيقتين على ظهر فرس جامح في سباق للقدرة !