أقول لكم
مسكين بيل غيتس، قلوبنا معه، فقد خسر 16 مليار دولار من ثروته، شفطها ذلك المارد الذي أطلقوا عليه اسم الأزمة المالية العالمية، بعد أن أطلق من قمقمه، فتحول المال إلى بخار، ولكنّ عزاءه الوحيد أنه تربّع من جديد على عرش أغنياء العالم؛ فهذا العبقري الذي صنع مجده وملياراته من الحاسب الآلي واحتكاره لأفضل برامج تشغيل، جاءته مصيبة أحزنته في العام الماضي، فقد تخلف عن سيادة قائمة الحاقدين والحاسدين، وتراجع إلى المركز الثالث لأنه لم يملك سوى 58 مليار دولار، بينما غيره تجاوز الستين، وكان محل استهزاء طوال السنة. وجاءت الأزمة، فإذا بكل شيء يهبط، ويصبح الدولار سنتاً عند تقييم الأصول، وتفقد الأسهم من قيمتها ما دون 90٪، وهو رجل عصامي، ولكن الخسارة قاسية، ويتلفت حوله، فيرى الآخرين يهوون معه، بل يخسرون أضعاف ما خسر، ويسقط الأول مع 35 مليار دولار، ويتبعه الثاني بثلاثين ملياراً، وقبل أن يتدارك حجم خسارته زُفت إليه البشرى، فقد عاد إليه عرشه، ويقال إنه تبسّم ثم عقد اجتماعاً ليعوّض خسائره، ووضع خطة عاجلة لتنظيم حياته من جديد، ويعكف الخبراء عنده على وضعها، لتتماشى مع ما تبقى لديه، فالمسكين أصبح لا يملك سوى 32 مليار دولار، ولكن مصاريفه كثيرة، والتزاماته أكثر، وهو صاحب مبادرات، وقد تبرّع لصندوق خيري دولي بعدة مليارات على مدى عشر سنوات، وهي لا تقارن بما خسره في هذا الهبوط المدوّي، لأنها أقل من الربع، وقد يفكر في وقفها حتى لا تتآكل ثروته، وهو المقدم على التقاعد كما أعلن من قبل، وكان قد تخلى عن كثير من مسؤولياتة في إدارة إمبراطورية البرامج المتهمة بالاحتكار، وشخص يفقد 16 مليار دولار، لابد أن يراجع نفسه من جديد، فهذه كارثة كبيرة، تحتاج إلى إعادة نظر في كل الخطط السابقة، واللاحقة أيضاً، وما عاد هناك شيء مضموناً، فمن خسر مثل هذا المبلغ في «نفخة» زر «كمبيوتر» يمكن أن يخسر ضعفه في «نفختين»، ويجلس بيل غيتس على الحديدة، مع أصحابنا الذين اشتروا أسهماً بعشرة دراهم للسهم، فأصبح سعر أحسنها درهمين، والدرهمان قد يتحولان إلى عشرة فلوس!